حرف اللام
تنقسم اللام من حيث العمل إلى قسمين : عاملة وغير عاملة .
1 – وتنقسم العاملة إلى ثلاثة أنواع : العاملة للجر ، العاملة للنصب ، والعاملة للجزم .
أولاً : اللام العاملة :
1 – لام الجر : وهي لام مكسورة مع كل ظاهر إلا مع المستغاث بياء الاستغاثة المفتوحة غير المعطوف ، غير المكرر معه حرف النداء ومع المستغاث من أجله .
مثال الفتح : يا لمحمد , بفتح اللام في كلمة لمحمد .
مثال المعطوف المكرر معه حرف النداء : يا لقومي ويا لأمثال قومي ، بفتح لام لقومي ، ولام لأمثال .
مثال الكسر : يا للكهول للشباب للعجب ، بكسر لام للكهول ، وللشباب .
ومثال كسر اللام مع المستغاث من أجله إذا كان اسماً ظاهراً .
اللام
قولهم : فيا للناس للواشي المطاع .
كما تفتح لام الجر إذا اقترنت بالضمائر ، نحو : لك ، لكم ، له ، إلا مع ياء المتكلم فتكون مكسورة ، نحو : هذا لي .
أقسام لام الجر :
تنقسم لام الجر إلى قسمين :
( أ ) قسم يختص بجر الأسماء والضمائر .
( ب ) قسم يختص : بجر المصادر المؤولة ، وهذه اللام تعرف بلام النصب ، وسنتعرض لها في حينها إن شاء الله .
اللام الجارة للأسماء والضمائر ومعانيها :
1 – تفيد اللام الاختصاص ، نحو : الجنة للمؤمنين .
ومنه قوله تعالى ( فإن كان له أخوة )(1) .
2 – الاستحقاق ، نحو : النار للكافرين .
ومنه قوله تعالى ( الحمد لله رب العالمين )(2) .
وقوله تعالى ( ويل للمطففين )(3) .
3 – الملك ، نحو : الكتاب لعمرو .
ومنه قوله تعالى ( لله ما في السموات والأرض )(4) .
ومنه قول المتنبي :
لعينيك ما يلقى الفؤاد وما لقي وللحب ما لم يبق مني وما بقي
فاللام في قوله : وللحب ، لام الملك .
ـــــــــــــــ
(1) النساء [11] (2) الفاتحة [2] .
(3) المطففين [1] (4) لقمان [26] .
اللام
4 – التملك ، نحو : وهبت للفقير ريالاً .
5 – شبه الملك ، نحو : أدوم لك ما تدوم لي .
6 – شبه التمليك ، كقوله تعالى ( والله جعل لكم من أنفسكم أزواجاً )(1) .
7 – التعليل ، نحو : زرتك لشرفك .
ومنه قول المتنبي : لعينيك ما يلقى الفؤاد وما لقي
ومنه قول امرئ القيس :
ويوم عقرت للعذارى مطيتي قيا عجباً من كورها المتحمل
8 – التبيين : وهي اللام الواقعة بعد أسماء الأفعال والمصادر .
نحو : قوله تعالى ( هيت لك )(2) ، ونحو : سعياً لزيد .
9 – القسم المتضمن معنى التعجب ، كقول الشاعر :
لله يبقى على الأيام ذو حيد بمشمخر به الظيان والأسن
10 – التعدية ، نحو : قلت له أفعل كذا .
ونحو : ما أضرب زيداً لعمرو .
ومنه قوله تعالى ( فهب لي من لدنك وليا )(3) .
11 – الصيرورة ، وتسمى لام العاقبة أو لام المآل .
كقول علي بن أبي طالب رضي الله عنه * :
ـــــــــــــــ
(1) النحل [72] (2) يوسف [23] (3) مريم [5] .
* علي بن أبي طالب : هو أبو الحسن علي بن أبي طالب بن عبد مناف بن عبد المطلب ، أول من أسلم من الصبية ، وكان ابن تسع سنين ، وقال عفان بن مسلم أول من صلى ، وهو ابن عم الرسول صلى الله عليه وسلم ، وزوج ابنته فاطمة ، ورابع الخلفاء الراشدين ، ولي الخلافة بعد عثمان سنة 35 هـ ، ولبث فيها أربع سنوات وأحد عشر شهراً ، انقسم خلالها المسلمون إلى فريقين فكانت معركة الجمل التي انتصر فيها ، ثم معركة صفين التي أدت إلى التحكيم فانتقلت الخلافة إلى معاوية ، وقد اغتاله أحد الخوارج يدعى ابن ملجم وهو يصلي سنة 40 هـ .
اللام
لدوا للموت وابنوا للخراب فكلكم يصير إلى خراب
ومنه قول الشاعر * :
فإن يكن الموت أفناهم فللموت ما تلد الوالدة
12 – التعجب المجرد من القسم ، نحو : يا للماء ، ويا للعشب .
ومنه قول الأعشى :
شباب وشيب وافتقار وذلة فلله هذا الدهر كيف ترددا
ويكثر استعمال هذا النوع من الداء .
كقول امرئ القيس :
فيا لك من ليل كأن نجومه بكل مغار الفتل شدت بيذبل
13 – التبليغ : وهي اللام الجارة لاسم سامع القول أو ما في معناه .
نحو : قلت , وفسرت له .
ومنه قول امرئ القيس :
فقلت له لما عوى أن شأننا قليل الغنى إن كنت لما تحول
14 – أن تضمن معنى ( إلى ) .
كقوله تعالى ( سقناه لبلد ميت )(1) .
كقوله تعالى ( ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه )(2) .
وقوله تعالى ( كل يجري لأجل مسمى )(3) .
15 – أن تضمن معنى ( في ) .
نحو : قلوهم : مضى لسبيله .
ـــــــــــــــ
(1) الأعراف [57] (2) الأنعام [8] .
(3) الرعد [2] * الشاهد بلا نسبة .
اللام
ومنه قوله تعالى ( ونضع الموازين القسط ليوم القيامة )(1) .
وقوله تعالى ( يا ليتني قدمت لحياتي )(2) .
16 – أن تضمن معنى ( عن ) .
كقوله تعالى ( قالت أخراهم لأولاهم ربنا هؤلاء أضلونا )(3) .
وقوله تعالى ( ولا أقول للذين تزدري أعينكم لن يؤتيهم الله خيراً )(4) .
ومنه قول أبي الأسود الدؤلي * :
كضرائر الحسناء ظن لوجهها حسداً وبغضاً أنه لدميم
17 – أن تضمن معنى ( على ) .
كقوله تعالى ( يخرون للأذقان سجداً )(5) ، وقوله تعالى ( وتله للجبين )(6) .
ومنه قول الشاعر ** :
تناوله بالرمح ثم أثنى له فخر صريعاً لليدين وللفم
ـــــــــــــــ
(1) الأنبياء [47] (2) الفجر [21] (3) الأعراف [38] .
(4) هود [31] (5) الإسراء [107] (6) الصافات [103] .
* أبو الأسود الدؤلي : هو أبو الأسود ظالم بن عمرو بن سفيان بن يعمر الدؤلي ، علوي الرأي ، ورجل أهل البصرة ، وأول من أسس العربية ونهج سبلها ، ووضع قياسها ، وأول من نقط المصحف ، ولد سنة واحدة قبل الهجرة ، وسكن البصرة في إمارة عمر وولي إمارتها في خلافة علي ، وهو شاعر جيد .
** جابر بن حنى : وقيل هو عمر بن حنى بن حارثة بن عمرو الثعلبي ، شاعر جاهلي قديم كان صديقاً لامرئ القيس ، وكان معه لما لبس الحلقة المسمومة وكان جابر يحمله وفي ذلك يقول امرئ القيس :
فأما تريني في رحالة جابر على حرج كالقر تخفق أكفاني
وقد روي صدر البيت : ضممت إليه بالسنان قييصه ، والرواية الأولى أصح لورودها باسم الشاعر في شرح المفصليات ص212 ، وانظر معجم شواهد النحو الشعرية للدكتور حنا جميل حداد ص165 شاهد رقم 2760 ، وانظر الجنى الداني للمرادي ص100 .
اللام
18 – أن تضمن معنى ( عند ) ، كقولهم : كتبته لخمس خلون .
ومنه قوله تعالى ( بل كذبوا بالحق لما جاءهم )(1)، بكسر اللام وتخفيف الميم .
19 – أن تضمن معنى ( بعد ) ، كقوله تعالى ( أقم الصلاة لدلوك الشمس )(2) .
ومنه قول الشاعر * :
فلما تفرقنا كأني ومالكاً لطول اجتماع لم نبت ليلة معا
20 – أن تضمن معنى ( مع ) ، كقول الشاعر في البيت السابق .
21 – أن تضمن معنى ( من ) ، نحو : سمعت له صراخاً .
ومنه قول جرير :
لنا الفضل في الدنيا وأنفك راغم ونحن لكم يوم القيامة أفضل
22 – لام المستغاث به ، وتكون مفتوحة .
كقول قيس بن ذريح :
تكنفني الوشاة فأزعجوني فيا للناس ، للواشي المطاع
32 – لام المدح والذم ، وهي لام جر مفتوحة لاتصالها بالضمير .
نحو : يا لك رجلاً صالحاً .
24 – لام التبيين ، كقول المتنبي :
لولا مفارقة الأحباب ما وجدت لها المنايا إلى أرواحنا سبلا
ـــــــــــــــ
(1) ص [5] (2) الإسراء [78] .
* متمم بن نويره : هو متمم بن نويره بن جمرة بن شداد ، وكنيته أبو نهشل ، صحابي وشاعر مشهور أحد شعراء الطبقات وله في أخيه مالك مرات تعد من غرر الشعر ، كان كثير الانقطاع في بيته قليل التصرف في أمر نفسه اكتفاء بأخيه مالك ، وكان أعوراً ذميماً ن وقد بكى أخاه مالك حتى دمعت عينه العوراء وكان ذلك في حضرة أبي بكر الصديق وعمر بن الخطاب .
اللام
25 – لام التوكيد : وهي اللام الزائدة .
أ ـ تزاد بين الفعل المتعدي ومفعوله زيادة مطردة ، كقول الشاعر :
أريد لأنسى ذكرها فكأنما تمثل لي ليلى بكل سبيل
وتزاد في مفعول ضعف عامله لأنه متأخر .
كقوله تعالى ( إن كنتم للرؤيا تعبرون )(1) .
أو ضعف عامله لأنه مشتق ، كقوله تعالى ( فعال لما يريد )(2) .
وتزاد زيادة غير مطردة ، كقول ابن ميادة * :
وملكت ما بين العراق ويثرب ملكاً أجار لمسلم ومعاهد
ب ـ الزيادة المقحمة : وهي اللام المعترضة بين المضاف والمضاف إليه .
كقول الشاعر ** :
يا بؤس للحرب التي وضعت أراهط فاستراحوا
ج ـ وتزاد في المستغاث به ، نحو : يا الله للضعيف .
ثانياً : اللام الجارة للمصادر المؤولة : وتسمى لام النصب وهي نوع من أنواع لام الجر ، وتنقسم إلى قسمين :
ـــــــــــــــ
(1) يوسف [43] (2) هود [4] .
* ابن ميادة : هو الرماح بن أبرد ، وقيل بن يزيد بن ثوبان بن سراقة بن حرملة المضري المعروف بابن ميادة ، وميادة أمه قيل أنها من أصل بربري أو صقلبي ، وقال ابن ميادرة أن أصلها فارسي ، ويكنى أبا شرحبيل ، شاعر محسن متأخر من مخضرمي الدولتين وقد جعله ابن سلام في الطبقة الإسلامية السابقة ، وهو من الشعراء الهجائيين ، مات في صدر المنصور ، وكان قد مدحه ولم يعد إليه لما بلغه عنه من قلة رغبته في مدائح الشعراء .
** سعيد بن مالك : هو سعيد بن مالك بن صبيعة بن ثعلبة ، أحد سادات بكر بن وائل وفرسانها في الجاهلية ، شاعر جيد ذكر أبو القاسم الأمدي أن له أشعاراً جياداً في كتاب بني قيس بن ثعلبة .
اللام
1 – اللام التي لتوكيد النفي وهي المسماة بلام الجحود الواقعة بعد ( كان ) الناقصة المنفية ماضية كانت أم مضارعة .
مثال كان الماضية المنفية ، قوله تعالى ( وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم )(1) .
وقوله تعالى ( ما كان الله لينذر المؤمنين )(2) .
ومثال كان المضارعة المنفية ، قوله تعالى ( لم يكن الله ليغفر لهم )(3) .
وقوله تعالى ( قال لم أكن لأسجد لبشر )(4) .
فاللام في الآيات السابقة للجر ، والفعل منصوب بعدها بأن مضمرة وجوباً ولذلك يكون مجرورها المصدر المؤول من أن المحذوفة والفعل المضارع ، وهذا سبب الإفراد لها وجعلها ولام التعليل قسماً مستقلاً .
2 – لام التعليل : وتعرف بلام كي ، وقد تمثل بها ابن الفارض * في قوله :
نصباً أكسبني الشوق كما تكسب الأفعال نصباً لام كي
ولام كي (5) تنصب الفعل المضارع بعدها بأن مضمرة جوازاً ، ويكون المصدر المؤول من أن المضمرة والفعل في محل جر باللام ، نحو : جئتك لتكرمني .
ـــــــــــــــ
(1) الأنفال [33] (2) آل عمران [179] (3) النساء [168] .
(4) الحجر [33] (5) راجع الكتاب لسيبويه ج3 ص7 .
* عمر بن الفارض : هو الإمام أبو حفص عمر بن علي المرشد الحموي الأصل لا المولد ، ولد في القاهرة وعاش في العصر الأيوبي ، قدم والده من حماة وعاش في مصر ، سافر ابن الفارض إلى مكة فأقام خمسة عشر سنة ، ثم عاد إلى مصر ، ورجع مرة أخرى لأداء فريضة الحج ، وفي مكة اتصل بالهروي البغدادي ومحي الدين بن عربي ، وهو من أشهر الشعراء المصريين المتصوفين ولقب بسلطان العاشقين ، له ديوان مشهور ذائغ ، توفي سنة 632 هـ ودفن بالمقطم .
اللام
وتعرف لام التعليل بأنها اللام الدالة على أن ما قبلها سبب لما بعدها .
كقوله تعالى ( وجعلوا لله أنداداً ليضلوا عن سبيله )(1) .
وقوله تعالى ( فوسوس لهما الشيطان ليبدي لهما ما وري عنهما من سوآتهما )(2) .
وتدخل لام التعليل على الفعل مباشرة ، كما في الآيتين السابقتين ، وقد تقترن ( بأن ) لزيادة التوكيد ، كقوله تعالى ( وأمرت لأن أكون أول المسلمين )(3) .
أو تقترن ( بأن ) للتأكيد و ( بلا ) للنفي ، كقوله تعالى ( لئلا يكون للناس عليكم حجة )(4) .
3 – لام العاقبة : وهي اللام الدالة على أن ما بعدها نتيجة غير مقصودة لما قبلها .
كقول طرفة بن العبد :
لنا هضبة لا ينزل الذل وسطها ويأوي إليها المستجير ليعصما
وهي في حقيقتها شبيهة بلام كي في دخولها على الأفعال المضارعة وجرها للمصادر المؤولة ، إلا أنها تختلف عنها في المعنى .
وقد سماها بعض النحويين بلام المآل ، ولام العاقبة ، ولام الصيرورة (5) ، كما في قوله تعالى ( فالتقطه آل فرعون ليكون لهم عدواً وحزنا )(6) .
4 – اللام الزائدة : وهي اللام الواقعة بعد فعلي الإرادة والأمر .
كقوله تعالى ( يريد الله ليبين لكم )(7) .
وقوله تعالى ( وأمرنا لنسلم برب العالمين )(8) .
ـــــــــــــــ
(1) إبراهيم [30] (2) الأعراف [20] (3) الزمر [12] .
(4) البقرة [150] (5) أنظر معاني الحروف للرماني ص56 .
(6) القصص [9] (7) النساء [26] (8) الأنعام [71] .
اللام
ومنه قول كثير عزة :
أريد لأنسى ذكرها فكأنما تمثل لي ليلى بكل سبيل
وقد اختلف النحاة في اللام الزائدة (1) ، فقال بعضهم بزيادتها ، وقال البعض الآخر أنها لام ( كي ) التعليلية ، وهي إما لنفي الفعل والتقدير في قوله ( يريد الله ... إلخ ) يريد الله ذلك ليبين ، وفي الآية الثانية : وأمرنا بما أمرنا به لنسلم .
أو للمصدر والتقدير في الآية الأولى : إرادة الله ليبين ، وفي الآية الثانية : وأمرنا لنسلم .
ثالثاً : اللام الجازمة :
وهي المسماة بلام الأمر ، والأولى أن يقال لام الطلب ليشمل الأمر والدعاء ، والتهديد والالتماس ، وغيرها من بقية أقسام الطلب .
فمثال الأمر ، قوله تعالى ( لينفق ذو سعة من سعته )(2) .
ومنه قول ابن زيدون :
ليسق عهدكم السرور فما كنتم لأرواحنا إلا رياحينا
والدعاء ، نحو قوله تعالى ( ليقض علينا ربك )(3) .
والتهديد ، نحو قوله تعالى ( وليتمتعوا فسوف يعلمون )(4) .
والالتماس : ومعناه توجيه الأمر لمن يساويك ، نحو : قولك : ليفعل أخوك ما بلغناه .
وليس هناك اختلاف في الأنواع السابقة إلا في المعنى .
ـــــــــــــــ
(1) أنظر الجنى الداني ص110 . (2) الطلاق [7] .
(3) الزخرف [77] (4) العنكبوت [66] .
اللام
والأصل في لام الجزم أن تكون مكسورة ، ولكنها قد تأتي ساكنة بعد الفاء والواو ، نحو قوله تعالى ( فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي )(1) .
وقوله تعالى ( فبذلك فليفرحوا )(2) ، وقوله تعالى ( اتبعوا سبيلنا ولنحمل خطاياكم )(3) .
ومنه قول الشاعر * :
فمن نال الغنى فليصطنعه صنيعته ويجهد كل جهد
ثانياً : اللام غير العاملة ، وهي على أنوع :
1 – لام الابتداء : وهي لام مفتوحة تكون لتوكيد مضمون الجملة وتختص بالدخول على الأسماء ، نحو : لأخوك أكرم من أخي .
ومنه قوله تعالى ( لأنتم أشد رهبة في صدورهم )(4) .
ومنه قول زهير :
ولأنت أشجع الأبطال من ليث إلى أجر
ومنه قول كعب بن زهير :
فلهو أخوف عندي إذا أكلمه وقيل أنك منسوب ومسؤول
وتدخل أيضاً على الأفعال المضارعة الواقعة خبراً لأن .
ـــــــــــــــ
(1) البقرة [186] (2) يونس [58] .
(3) العنكبوت [12] (4) الحشر [13] .
* أحيحة بن الجلاح : هو أحيحة بن الجلاح بن الحريش ينتهي نسبه إلى مالك بن الأوس وكنيته أبو عمرو ، كان سيد الأوس في الجاهلية ، وشاعراً قديماً ، كان في زمن تبع الأصغر أحد ملوك اليمن ، كان منيعاً للمال شحيحاً عليه ، يبيع بيع الربا في المدينة حتى كاد يحيط بأموال أهلها .
اللام
كقوله تعالى ( إن ربك يحكم بينهم )(1) ، وهي تعرف باللام المزحلقة ، وسيأتي ذكرها في موقعها إن شاء الله . كما تدخل على شبه الجملة من الظرف والجار والمجرور ، نحو : إنه ليوم ترتفع فيه الأكف ضراعة إلى الله .
ومنه قوله تعالى ( وإنك لعلى خلق عظيم )(2) .
وللام الابتداء مكان الصدارة في الكلام فإن جاءت غير ذلك فهي زائدة كاللام الداخلة على خبر المبتدأ ، كقول رؤية :
أم الحليس لعجوز شهربة ترضي من اللحم بعظم الرقبة
ومن أنواع لام الابتداء لام التوكيد والواقعة بعد ( إن ) المكسورة الهمزة لتوكيد مضمون الجملة ، نحو : إن محمداً لقائم ، ومنه قوله تعالى ( إن الإنسان لربه لكنود )(3) ، والأمثلة عليها كثيرة .
وهذه اللام هي نفسها الداخلة على خبر إن لتقوية التوكيد ، أو على اسمها ، نحو : إن في الدار لزيداً ، أو للفصل بين اسمها وخبرها ، كقوله تعالى ( إن هذا لهو القصص الحق )(4) ، فتدبر ذلك .
2 – اللام الفارقة : وهي الواقعة بعد ( أن ) المخففة من الثقيلة لأن ( أن ) إذا خففت لا بد أن تشتمل الجملة بعدها على لام الابتداء لتكون رمزاً للتخفيف .
نحو : إن كان لصالحاً ، ونحو : إن زيد لقائم .
ومنه قوله تعالى ( وإن كانت لكبيرة )(5) .
وقد عد سيبويه وتبعه في ذلك ابن مالك هذه اللام ضمن لام الابتداء الداخلة على خبر إن ، وقد أفادت مع إفادتها توكيد النسبة وتخليص المضارع للحال ، والفرق بين ( أن ) المخففة من الثقيلة و ( أن ) النافية .
ـــــــــــــــ
(1) النحل [124] (2) القلم [4] (3) العاديات [6] .
(4) آل عمران [62] (5) البقرة [143] .
اللام
3 – اللام المزحلقة : وهي التي تزحلقت من اسم إن إلى خبرها .
وقد عدها النحويون نوعاً من أنواع لام الابتداء .
نحو قوله تعالى ( إن ربي لسميع الدعاء )(1) .
وقوله تعالى ( إني ليحزنني أن تذهبوا به )(2) .
ومنه قول أبي صخر الهذلي :
وإني لتعروني لذكراك هزة كما انتفض العصفور بلله القطر
وذكر سيبويه أن اللام الموطئة لا يقتصر دخولها على ( إن ) الشرطية ، بل تدخل على ( ما ) الموصولة أيضاً ، ومثل لها بقوله تعالى ( وإذ أخذ الله ميثاق النبيين لما آتيتكم من كتاب وحكمة ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم لتؤمنن به ولتنصرنه )(3) .
لقد ذكر المفسرون أن ( ما ) في الآية السابقة شرطية ، والمعنى لمهما آتيتكم وعلى ذلك فاللام الداخلة عليها تكون موطئة للقسم تشبيهاً ( لما ) الشرطية ( بإن ) الشرطية . ولكن لشذوذ دخول اللام الموطئة للقسم على غير ( إن ) الشرطية تكون ( ما ) موصولة واللام للابتداء حملاً على الأكثر كما ذكر ابن هشام في المغني(4) .
وقال سيبويه : والله لئن فعلت لأفعلن ، واللام التي في ( ما ) كهذه التي في ( إن )(5) ، وقد ذكر صاحب المغني ، وصاحب الجنى الداني أنها تدخل على ( متى )(6) ، واستشهد لها بقول الشاعر :
لمتى صلحت ليقضين لك صالح ولتجزين إذا جزيت جميلا
ـــــــــــــــ
(1) إبراهيم [39] (2) يوسف [13] (3) آل عمران [81] .
(4) المغني ج1 ص235 . (5) الكتاب لسيبويه ج3 ص107 .
(6) المغني ج1 ص235 ، والجنى الداني ص137 .
اللام
ولا يخفى علينا ما في ذلك من تكلف ، وقد ذكرناه للفائدة .
وتدخل اللام الموطئة للقسم على ( إن ) ، كقول الشاعر * :
غضبتْ عليّ وقد شربت بجزة فلإن غضبت لأشربن بخروف
4 – اللام الواقعة في جواب القسم :
وهي لام تدخل على الجمل الاسمية والفعلية الواقعة جواباً لقسم ظاهر .
نحو : أقسم بالله لأقولن الحق ، وأقسم بالله لزيد قائم .
أو جواباً لقسم محذوف ولم يبق منه إلا المقسم به ، كقوله تعالى ( تالله لقد آثرك الله )(1) ، وقوله تعالى ( وتالله لأكيدن أصنامكم )(2) .
أو جواب لقسم محذوف بالكلية ، نحو : لقد آثرك علينا .
5 – اللام الواقعة في جواب لو ، ولولا :
كقوله تعالى ( ولو أنهم فعلوا ما يوعظون به لكان خيراً لهم )(3) .
وقوله تعالى ( لو كان فيها آلهة إلا الله لفسدتا )(4) ، ومنه قول ابن زيدون :
أنا غرس في ثرى العلياء لو أبطأت سقياك عنه لذبل
ومنه قول الشاعر ** :
ولو أن ليل الأخيلية سلمـت علي ودونـي جنـدل وصـفائح
لسلمت تسليم البشاشة أوزقا إليها صدى من جانب القبر صائح
ـــــــــــــــ
(1) يوسف [91] (2) الأنبياء [57] (3) النساء [66] .
(4) الأنبياء [22] * الشاهد بلا نسبة .
** ثوبة بن الحمير : هو ثوبة بن الحمير بن حزم بن كعب العقيلي ، شاعر لص وأحد عشاق العرب المشهورين وصاحبته ليلى الأخيلية ، رحل إلى الشام والتقى بجميل بثينة ، كان كثير الغارة على بني الحارث بن كعب وهمزان ، وكان من أهدى الناس بالطريق ، قتله بنو عوف .
اللام
ومثال اللام الواقعة في جواب لولا :
قوله تعالى ( لولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض )(1) .
ومنه قول المتنبي :
ولولا أنني في غير نوم لكنت أظنني مني خيالا
ومنه قول الآخر :
ولولا العلم بالعلياء يزري لكنت اليوم أشعر من جرير
6 – لام البعد : وهي اللام الداخلة على أسماء الإشارة للدلالة على البعد .
كقوله تعالى ( ذلك الكتاب لا ريب فيه )(2) .
وقوله تعالى ( تلك آيات الكتاب المبين )(3) .
ومنه قول الشاعر * :
كذلك جدى ما أصاحب واحداً من الناس إلا خانني وتغيرا
7 – وهناك من اللامات غير العاملة ما لا نجد الحاجة لذكره وتفصيل القول فيه ، كلام ( أل ) التعريف .
نحو : الرجل والسيارة .
ولام التعجب غير الجارة ، نحو : لكرم عمرو ، ولظرف زيد .
وهي نوع من أنواع لام الابتداء أو لام جواب القسم المقدر ، والله أعلم (4) .
ـــــــــــــــ
(1) البقرة [251] (2) البقرة [1] (3) القصص [2] .
(4) راجع كتاب اللامات لأبي إسحاق الزجاجي ط2 دار الفكر بدمشق ، وراجع كتاب اللامات للهروي ط1 بغداد .
* الشاهد بلا نسبة .
اللام
نماذج من الإعراب
قال الشاعر :
ويوم عقرت للعذارى مطيتي فيا عجباً من كورها المتحمل
ويوم : الواو عاطفة ، يوم معطوف على ما قبله مبني على الفتح في محل نصب .
عقرت : فعل وفاعل ، والجملة الفعلية في محل جر بإضافة يوم إليها .
للعذارى : جار ومجرور متعلقان بعقرت .
مطيتي : مفعول به ، والياء في محل جر مضاف إليه .
فيا عجباً : الفاء زائدة أو سببية ، يا حرف نداء ، عجب منادى منصوب بالفتحة المقدرة على ما قبل ياء المتكلم المنقلبة ألفاً ، وعجب مضاف ، وياء المتكلم في محل جر مضاف إليه .
من كورها : جار ومجرور ، وضمير الغائب المتصل في محل جر بإضافته لكور ، والجار والمجرور متعلقان بعجب .
المتحمل : نعت لكورها .
قال الشاعر :
أريد لأنسى ذكرها فكأنما تمثل لي ليلى بكل سبيل
أريد : فعل مضارع ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوباً تقديره أنت .
لأنسى : اللام زائدة حرف مبني على الكسر لا محل له من الإعراب ، والتقدير : أريد أن أنسى ، أنسى : فعل مضارع منصوب بأن مضمرة بعد اللام الزائدة ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوباً تقديره أنا .
وجملة أريد ابتدائية لا محل لها من الإعراب .
اللام
والمصدر المؤول من أن المضمرة ، والفعل أنسى بتأويل مصدر مجرور لفظاً باللام الزائدة منصوب محلاً على أنه مفعول به لأريد .
وجملة أنسى صلة أن المضمرة لا محل لها من الإعراب .
ذكرها : مفعول به منصوب لأنسى ، والهاء في محل جر بالإضافة .
فكأنما : الفاء استئنافية ، كأنما كافة ومكفوفة .
تمثل : فعل مضارع مرفوع بالضمة .
لي : جار ومجرور متعلقان بتمثل .
ليلى : فاعل مرفوع بضمة مقدرة على آخره للثقل .
بكل : جار ومجرور متعلقان بتمثل ، وهو مضاف .
سبيل : مضاف إليه .
وجملة تمثل استئنافية لا محل لها من الإعراب .
قال تعالى ( وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم ) .
ما كان : ما نافية ، كان فعل ماض ناقص مبني على الفتح .
الله : لفظ الجلالة اسم كان مرفوع بالضمة .
ليعذبهم : اللام للجحود حرف جر مبني على الكسر لا محل له من الإعراب ، يعذب : فعل مضارع منصوب بأن مضمرة وجوباً بعد لام الجحود ، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازاً تقديره هو يعود على لفظ الجلالة ، والهاء في محل نصب مفعول به ، وأن المضمرة وجوباً مع الفعل المضارع بتأويل مصدر في محل جر باللام ، والجار والمجرور متعلقان بمحذوف خبر كان .
والتقدير : ما كان الله يريد تعذيبهم وأنت فيهم .
وأنت : الواو للحال ، أنت ضمير منفصل في محل رفع مبتدأ .
اللام
فيهم : جار ومجرور متعلقان بمحذوف خبر .
والجملة الاسمية من المبتدأ وخبره ، في محل نصب حال من الضمير في يعذبهم ، والرابط الواو .
قال تعالى ( لينفق ذو سعة من سعته ) .
لينفق : اللام حرف جزم مبني على الكسر لا محل له من الإعراب ، ينفق فعل مضارع مجزوم وعلامة جزمه السكون .
ذو : فاعل مرفوع بالواو لأنه من الأسماء الستة ، وذو مضاف .
سعة : مضاف إليه مجرور بالكسرة .
من سعته : جار ومجرور متعلقان بالفعل ، والضمير في محل جر بالإضافة .
" لأخوك أكرم من أخي " .
لأخوك : اللام للابتداء حرف مبني على الفتح لا محل له من الإعراب ، أخوك مبتدأ مرفوع بالواو لأنه من الأسماء الستة ، والكاف في محل جر مضاف إليه .
أكرم : خبر مرفوع بالضمة .
من أخي : جار ومجرور متعلقان بأكرم ، وياء المتكلم في محل جر مضاف إليه .
قال تعالى ( وإن كانت لكبيرة ) .
وإن : الواو حرف عطف ، إن مخففة من الثقيلة مشبه بالفعل واسمها ضمير الشأن المحذوف والتقدير : وإنها .
كانت : كان فعل ماض ناقص مبني على الفتح لا محل له من الإعراب ، والتاء للتأنيث الساكنة ، واسم كان ضمير مستتر فيه جوازاً تقديره هي .
لكبيرة : اللام فارقة حرف مبني على الفتح لا محل له من الإعراب ، كبيرة خبر كان منصوب بالفتحة ، والجملة من كان واسمها وخبرها في محل رفع خبر إن .
اللام
قال تعالى ( إن ربي لسميع الدعاء ) .
إن : حرف توكيد ونصب مبني على الفتح لا محل له من الإعراب .
ربي : اسم إن منصوب ، وهو مضاف ، وياء المتكلم في محل جر بالإضافة .
لسميع : اللام مزحلقة عن اسم إن إلى خبرها ، حرف مبني على الفتح لا محل له من الإعراب ، وسميع خبر إن مرفوع ، وهو مضاف .
الدعاء : مضاف إليه مجرور .
قال الشاعر :
أم الحليس لعجوز شهربة ترضي من اللحم بعظم الرقبة
أم الحليس : أم مبتدأ ، وهو مضاف ، الحليس مضاف إليه مجرور .
لعجوز : اللام زائدة حرف مبني على الفتح لا محل لها من الإعراب ، عجوز خبر المبتدأ مرفوع .
شهربة : صفة لعجوز .
ترضي : فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدرة على آخره للتعذر ، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازاً تقديره هي يعود على أم الحليس .
والجملة الفعلية في محل رفع صفة لعجوز .
من اللحم : جار ومجرور متعلقان بترضي .
بعظم : جار ومجرور متعلقان بترضي أيضاً ، وعظم مضاف .
الرقبة : مضاف إليه مجرور .
قال تعالى ( ولئن نصروهم ليولن الأدبار ) .
ولئن : الواو حسب ما قبلها واللام موطئة للقسم حرف مبني على الفتح لا محل له من الإعراب ، إن شرطية .
نصروهم : فعل ماض مبني على الضم في محل جزم فعل الشرط ، وواو الجماعة في محل رفع فاعله ، والهاء ضمير في محل نصب مفعول به .
اللام
وجملة إن نصروهم اعتراضية بين القسم المحذوف وجوابه ، فلا محل لها من الإعراب .
ليولن : اللام واقعة في جواب القسم المقدر ، يول فعل مضارع مبني على حذف النون لأنه من الأفعال الخمسة ، وبني لاتصاله بنون التوكيد الثقيلة ، وواو الجماعة المحذوفة في محل رفع فاعله ، وقد حذفت واو الجماعة لالتقائها ساكنة مع نون التوكيد ، ونون التوكيد حرف مبني على الفتح لا محل له من الإعراب .
وجملة ليولن جواب القسم لا محل لها من الإعراب .
الأدبار : مفعول به منصوب بالفتحة .
قال تعالى ( تالله لقد آثرك الله ) .
تالله : التاء حرف جر للقسم مبني على الفتح لا محل له من الإعراب .
الله : لفظ الجلالة مجرور ، والجار والمجرور متعلقان بفعل القسم المحذوف ، وتقديره : أقسم تالله .
لقد : اللام واقعة في جواب القسم المقدر حرف مبني على الفتح لا محل له من الإعراب ، قد حرف تحقيق مبني على السكون لا محل له من الإعراب .
آثرك : آثر فعل ماض مبني على الفتح ، والكاف في محل نصب مفعول به تقدم على فاعله .
الله : لفظ الجلالة فاعل آثر مؤخر مرفوع بالضمة الظاهرة .
قال تعالى ( ولو أنهم فعلوا ما يوعظون به لكان خيراً لهم ) .
ولو : الواو حرف عطف ، لو حرف امتناع غالباً يفيد الشرط ، غير جازم مبني على السكون لا محل له من الإعراب .
أنهم : أن حرف مشبه بالفعل ، والضمير في محل نصب اسمها ، والميم لجماعة الذكور .
اللام
فعلوا : فعل وفاعل ، والجملة في محل رفع خبر أن .
ما : إما موصولة أو موصوفة مبنية على السكون في محل مفعول به لفعلوا .
يوعظون : فعل مضارع مبني للمجهول مرفوع بثبوت النون ، وواو الجماعة في محل رفع نائب فاعل .
به : جار ومجرور متعلقان بالفعل قبلهما .
وجملة يوعظون إما أن تكون صلة ما على اعتبارها موصولة ، أو صفة لها على اعتبارها نكرة موصوفة والعائد في الصلة الضمير المجرور .
لكان : اللام واقعة في جواب لو حرف مبني على الفتح لا محل له من الإعراب ، كان فعل ماض ناقص ، واسمه ضمير مستتر فيه جوازاً تقديره هو .
خيراً : خبر كان منصوب بالفتحة .
لهم : جار ومجرور متعلقان بخير .
قال تعالى ( ذلك الكتاب لا ريب فيه ) .
ذلك : ذا اسم إشارة مبني على السكون في محل رفع مبتدأ ، واللام للبعد حرف مبني على الكسر لا محل له من الإعراب ، والكاف حرف خطاب مبني على الفتح لا محل له من الإعراب .
الكتاب : خبر مرفوع بالضمة الظاهرة .
لا : نافية للجنس .
ريب : اسم لا مبني على الفتح في محل نصب .
فيه : جار ومجرور متعلقان بمحذوف خبر لا في محل رفع .
لا
ولها عدد من الأقسام :
1 – لا النافية . 2 – لا الناهية . 3 – لا الزائدة .
أولاً : لا النافية :
وتنقسم إلى ثلاثة أقسام :
1 ـ لا النافية للجنس : العاملة عمل إن وهي الدالة على نفي الحكم عن جنس اسمها بغير احتمال لأكثر من معنى واحد .
وتعرف بلا الاستغراقية ، وذلك لاستغراق حكم النفي لجنس اسمها كله بغير احتمال . كما تعرف بلا التبرئة لأنها تدل على تبرئة جنس اسمها كله من معنى الخبر ، نحو : لا محاباة في الدين .
ومنه قوله تعالى ( لا إكراه في الدين )(1) .
وقوله تعالى ( لا ريب فيه )(2) .
ومنه قول ابن زيدون :
ولا بأس إن كان وليّ الربيع إذا لم تجد فقده الأنفس
حكم لا النافية للجنس : ينقسم اسم لا النافية للجنس إلى قسمين :
أ – إما أن يكون مفرداً نكرة ، وحكمه البناء دائماً في محل نصب .
كقوله تعالى ( شهد الله أنه لا إله إلا هو )(3) .
ومنه : لا خائنين محبوبان ، ولا خائنين محبوبون ، ولا خائنات محبوبات .
ومنه قول المتنبي :
كأنك برد الماء لا عيش دونه ولو كنت برد الماء لم يكن العشر
ـــــــــــــــ
(1) البقرة [256] (2) البقرة [2] (3) آل عمران [18] .
لا
ومنه قول زهير :
وإنا سفاه الشيخ لا حلم بعده وإن الفتى بعد السفاهة يحلم
ب – وإما أن يكون عاملاً فيما بعده رفعاً أو نصباً أو جراً ( ويسمى مضافاً أو مشبهاً بالمضاف )فحكمه واجب النصب .
مثال المضاف : لا فاعل خير مذموم .
ومنه قول المتنبي :
فلا ثوب مجد غير ثوب ابن أحمد على أحد إلا بلؤم مرقع
ومثال الشبيه بالمضاف العامل فيما بعده الرفع : لا كريماً خلقه مضام .
ومثال عامل النصب : لا طالعاً جبلاً موجود .
ومثال عامل الجر : لا قارئاً في الكتاب جاهل .
وتخالف ( لا ) النافية للجنس ( إن ) من وجوه :
1 – لا تعمل ( لا ) إلا في النكرات كما مثلنا ، بينما يكون اسم ( إن ) نكرة .
نحو : إن في الدار رجلاً .
أو معرفة ، نحو : إن الرجل في الدار .
2 – إذا لم يكن اسمها مضافاً أو شبيهاً بالمضاف فإنه يبنى على ما ينصب به في حالة إعرابه ، فإذا كان اسمها مما ينصب بالفتحة كالاسم المفرد أو جمع التكسير يبنى على الفتحة ، وإن كان ينصب بالكسرة كجمع المؤنث السالم بني على الكسر ، وإن كان مما ينصب بالياء كالمثنى وجمع المذكر السالم بني على الياء .
3 – إذا لم يكن اسمها مضافاً أو شبيهاً بالمضاف " غير عاقل " فلا تعمل ( لا ) في خبرها وإنما عملها محصور في اسمها ، والعامل في خبرها هو اسمها .
بينما ( إن ) التي تعمل في الاسم والخبر .
4 – أن خبرها لا يتقدم على اسمها ولو كان ظرفاً أو جاراً ، فلا نقول : لا في الإبريق ماء ، بينما نقول : إن في الإبريق ماء .
لا
وقد أجاز ابن جني إعمال ( لا ) عمل ( ليس ) في المعرفة ، ووافقه ابن مالك وذكره ابن الشجري (1) ، كما قول النابغة الجعدي * :
وحلت سواء القل لا أنا باغيا سواها ولا في حبها متراخيا
وحملوا عليه قول المتنبي :
إذا الجود لم يرزق خلاصاً من الأذى فلا الحمد مكسوباً ولا المال باقيا
ومنه قول ابن زيدون :
لا سهو أيامه الخالي بمرتجع ولا نعيم لياليه بمنتظر
ولكن صاحب الكتاب (2) يقول : ولا تعمل ( لا ) إلا في النكرة ، وإعمالها في المعرفة الصريحة للضرورة .
2 ـ لا النافية العاملة عمل ليس وتعرف بلا الحجازية أيضاً ، وهي لنفي الوحدة وتعمل بالشروط الآتية ، وإن كان عملها عمل ليس على قلة .
أ – أن يكون اسمها وخبرها نكرتين ، نحو : لا رجل مسافراً .
ب – ألا يتقدم خبرها على اسمها ، فلا يجوز أن نقول : لا مسافراً رجل .
ـــــــــــــــ
(1) الجنى الداني ص293-294 ، والمغني ج1 ص240 .
(2) الكتاب لسيبويه ج2 ص288 .
* النابغة الجعدي : هو عبد الله بن قيس بن كعب بن ربيعة الجعدي ، ويكنى أبا ليلى ، شاعر جاهلي وفد على الرسول صلى الله عليه وسلم ونشده شعراً ، عمر طويلاً ، ونادم النعمان بن المنذر ، ويقال إنه أقدم من النابغة الذبياني ، عمر طويلاً حتى أدرك الأخطل ، ومات بأصبهان ، وهو ابن مائتين وعشرين سنة .
(3) سبأ [3] (4) الواقعة [75] .
لا
ج – ألا يتقدم معمول خبرها على اسمها إلا إذا كان شبه جملة .
نحو : لا في الدار أحد موجوداً .
د – ألا يكون خبرها محصور بإلا ، فلا نقول : لا طالب إلا متفوقاً .
هـ - ألا تتكرر ، لأن نفي النفي إثبات ، وهي لا تعمل إلا في النفي .
وبذلك نجد أن الشروط المتوفرة في عمل ما هي نفس الشروط المطلوبة في عمل لا عدا شرط عدم زيادة ( إن ) فإنها لا تزاد بعد ( لا ) أصلاً ، ومن الأمثلة التي توفرت فيها الشروط قولنا : لا رجل أفضل من رجل .
ومنه قول الشاعر * :
( أ ) تعز فلا شيء على الأرض باقيا ولا وزر مما قضى الله واقيا
الشاهد في البيت : فلا شيء باقيا ، لا نافية تعمل عمل ليس ، شيء اسمها مرفوع ، وباقيا خبرها منصوب .
ومنه قول المتنبي :
( ب ) إذا الجود لم يرزق خلاصاً من الأذى فلا الحمد مكسوباً ولا المال باقيا
ومنه قول الآخر ** :
نصرتك إذ لا صاحب غير خاذل فبوئت حصناً بالكماة حصينا
والغالب في خبرها الحذف ، كقول سعيد بن مالك :
من صد عن نيرانها فأنا ابن قيس لا براح
الشاهد قوله : لا براح ، فلا نافية عاملة عمل ليس ، وبراح اسمها مرفوع ، وخبرها محذوف تقديره : لا براح لي .
ـــــــــــــــ
* الشاهد بلا نسبة . ** الشاهد بلا نسبة .
لا
تنبيه :
1 – تعمل ( لا ) عمل ليس بقلة وندرة كما ذكرنا آنفاً ولم يرد عملها في القرآن ولم يسمع إلا في الشعر كما مثلنا سابقاً .
وقد يكون منه قول الراعي النميري * ، والغالب لا يكون وسنوضحه في الإعراب .
( ج ) وما صرمتك حتى قلت معلنة لا ناقة لي في هذا ولا جمل
وذلك إذا جعلنا ناقة اسماً للا ، ولا متعلق بمحذوف خبر لها في محل نصب .
أما قوله تعالى ( لا خوف عليهم ولا هم يحزنون )(1) ، فالاختيار عند النحويين الرفع والتنوين على الابتداء (2) وعليهم متعلق بمحذوف في محل رفع خبر المبتدأ ، وعلتهم في ذلك : ولا هم يحزنون ، أن ما بعد لا معرفة ، و ( لا ) لا تعمل في المعرفة فحملوا الأول على الثاني .
أي حملوا قوله تعالى ( لا خوف عليهم ) على قوله ( ولا هم يحزنون ) .
وبعضهم أجاز أن تكون لا عاملة عمل ليس وجعل ( خوف ) اسمها وشبه الجملة خبرها .
وعلة من أجاز ذلك أنه لا يشترط في عمل لا أن يكون اسمها وخبرها نكرتين فقد ذكر ابن جني أنه لا يشترط في عملها ذلك ، فقد يأتي اسمها معرفة وخبرها نكرة ، واستشهد على ذلك بقول النابغة الجعدي :
( د ) وحلت سواد القلب لا أنا باغيا سواها ولا عن حبها متراخيا
ـــــــــــــــ
* الراعي عبد الله بن حصين .
(1) البقرة [38] .
(2) أنظر أحكام القرآن للقرطبي ج1 ص329 ، وأنظر روح المعاني للألوسي ج1 ص240 .
لا
ومنه قول المتنبي :
إذا الجود لم يرزق خلاصاً من الأذى فلا الحمد مكسوباً ولا المال باقيا
وعلى ذلك حملت الآية السابقة ( ولا هم يحزنون ) ، فالشاهد في البيتين : ولا أنا باغيا ، و : فلا الحمد مكسوباً .
فعملت لا عمل ليس واسمها ضمير والضمير أعرف المعارف ، وكذلك كلمة الحمد فهي معرفة بأل التعريف ، وباغياً ومكسوباً منصوبان على أنهما خبران للا .
وقد يرجع السبب في ندرة عمل ( لا ) عمل ( ليس ) بأن شبه ( لا ) بليس ضعيف ، لأن ( لا ) للنفي مطلقاً ، و ( ليس ) لنفي الحال ليس غير .
2 – يجوز في ( لا ) التي لنفي الوحدة أن تكون لنفي الجنس إذا أريد بها نفي الجميع نفياً عاماً ولا يستثنى من أفراد جنسها أحد .
ونفرق بين النوعين من ( لا ) بالقرينة الدالة على إحداهما .
فإذا قلنا : لا رجل مسافراً ن برفع المبتدأ ونصب الخبر ، كانت ( لا ) لنفي الوحدة والنفي في هذه الحالة ليس عاماً فهو لم يستغرق جميع أفراد جنسها ، بل يكون واحداً أو أكثر ، وكأننا قلنا : ليس رجل مسافراً بل رجلان أو ثلاثة .
وإذا قلنا : لا رجل مسافر ولا امرأة ، بنصب المبتدأ ورفع الخبر ، كان النفي مستغرقاً جميع أفراد الجنس المنفي ، وفي هذه الحالة يكون التركيب خاطئاً إذ لا يصح أن نقول لا رجل مسافر ولا امرأة بل رجلان ، لأن النفي رقع على الجميع فلا يستثنى منهم أحد .
وقد قرئ قوله تعالى ( لا بيع فيه ولا خلة ولا شفاعة )(1) ، بالرفع والنصب على الحالتين ، باعتبار أن ( لا ) تكون لنفي الوحدة وتكون لنفس الجنس ، إذا وجدت القرينة .
ـــــــــــــــ
(1) البقرة [254] .
لا
3 – ويجوز في ( لا ) النافية للوحدة أن تهمل وما بعدها يعرب مبتدأ وخبراً ، وفي هذه الحالة يستوجب فيها التكرار .
نحو قوله تعالى ( لا خوف عليهم ولا هم يحزنون )(1) .
وقوله تعالى ( لا فيها غول ولا هم عنها ينزفون )(2) .
4 – لا يتغير عمل ( لا ) النافية للوحدة إذا دخلت عليها همزة الاستفهام .
نقول : ألا رجل محسناً للفقير ، ألا طالب فائزاً في المسابقة .
5 – يجوز اتصال خبرها بالباء الزائدة .
كقول سؤدة بن قارب :
وكن لي شفيعاً يوم لا ذو شفاعة بمغن فتيلا عن سواد بن قارب
والشاهد في البيت : بمغن ، فقد زيدت الباء قبل خبر لا .
6 – ينبغي أن نلاحظ أن معظم الشواهد التي عملت فيها لا عمل ليس افتقد فيها شرط عدم التكرار ، كما هو الحال في الأبيات أ ، ب ، ج ، د .
3 ـ لا النافية التي لا عمل لها .
وتنقسم إلى ثلاثة أنواع :
أ ـ لا النافية غير العاطفة وغير الجوابية ، وهي تختص بالدخول على الأسماء والأفعال على حد سواء .
مثال دخولها على الأسماء : لا زيد في الدار ولا عمرو .
ومن شروطها التكرار .
كقوله تعالى ( لا فيها غول ولا هم عنها ينزفون ) .
ـــــــــــــــ
(1) البقرة [38] (2) الصافات [47] .
لا
ومنه قول الحارث بن حلزة :
ليس منا المضريون ولا قيس ولا جندل ولا الحداء
ومنه قول الآخر :
قهرت العدا لا مستعيناً بعصبة ولكن بأنواع الخدائع والمكر
والشاهد في البيتين السابقين : مجيء ( لا ) نافية لا عمل لها وقد دخلت على الأسماء فجاءت بعدها معربة حسب موقعها من الكلام .
ففي بيت الحارث كلمة ( قيس ) مبتدأ حذف خبره ، و ( لا ) مكررة .
وفي البيت الثاني جاءت ( لا ) غير عاملة أيضاً ولكنها غير مكررة ، ومستعيناً حال .
ومثال دخولها على الأفعال المستقبلية وتكون حينئذ لإفادة الخبر ، قولنا : لا أقوم ولا أذهب .
ومنه قوله تعالى ( لا يستأذنك الذين يؤمنون )(1) ، برفع يستأذنك .
وقوله تعالى ( سنقرئك فلا تنسى )(2) ، والتقدير : نزيل النسيان عنك فلا تنسى على الخبر (3) .
فلا في المواضع السابقة نافية لا عمل لها ، وليست ناهية ، والفعل بعدها مرفوع ، ومنه قول المتنبي :
فتى لا يضم القلب همات قلبه ولو ضمه قلب لما ضمه صدر
ومنه قول جرير :
فلا تتقون الشر حتى يصيبكم ولا تعرفون الأمر إلا تبددا
ـــــــــــــــ
(1) التوبة [44] (2) الأعلى [6] .
(3) أنظر الأزهية للهروي ص149 .
لا
تنبيه :
يكثر دخول ( لا ) النافية غير العاملة على الأفعال المضارعة كما مر في الأمثلة السابقة ، ولكنها قد تدخل على الفعل الماضي وهذا قليل ، ويشترط عندئذ التكرار ، وإذا لم تتكرر لفظاً كان التكرار في المعنى .
مثال المكررة بلفظها ، قوله تعالى ( فلا صدق ولا صلى )(1) .
ومثال غير المكررة بلفظها ولكنها مكررة بالمعنى .
قوله تعالى ( فلا اقتحم العقبة )(2) .
ومنه قول المتنبي :
لا سرت من إبل لو أني فوقها لمحت حرارة مدمعي سيماتها
ومنه قول امرئ القيس :
فأخطأته المنايا قيد أنملة ولا تحرز إلا وهو مكتوب
ومنه قول ابن قيس الرقيات :
لا بارك الله في الغواني هل يصبحن إلا لهن مطلب
ب ـ لا العاطفة : حرف يفيد نفي الحكم عن المعطوف بعد ثبوته للمعطوف عليه .
نحو : شربت الماء لا القهوة ، وذهبت إلى مكة لا الطائف .
وللعطف ( بلا ) عدة شروط :
1 – إفراد معطوفها ، أي : لا يكون جملة أو شبه جملة .
2 – أن تسبق بكلام موجب " غير منفي " ، أو أمر ، أو نداء .
نحو : كتبت واجب القواعد لا التاريخ ، وعاقب المهمل لا المجتهد .
ونحو : يا ابن الأكارم لا ابن الأراذل .
ـــــــــــــــ
(1) القيامة [31] (2) البلد [11] .
لا
3 – ألا يصدق أحد معطوفيها على الآخر ، لذلك لا يصح أن نقول : اشتريت أرضاً لا حقلاً ، لأن الحقل يصدق على الأرض .
ولكن نقول : اشتريت مزرعة لا قصراً .
4 – ألا تقترن ( لا ) بحرف عطف آخر لعدم اقتران حرف العطف .
فلا يصح أن نقول : زرت محمداً ولا أحمد .
5 – ألا تتكرر .
ج ـ لا النافية الجوابية : وهي نقيضة ( نعم ) ، وكثيراً ما تحذف الجمل بعدها .
نحو : قولك : ( لا ) في جواب : هل تأخرت اليوم ؟
ومنه قول ابن زيدون :
بالله قل لي هل وفى ؟ فقال : لا ، بل غدرك
ثانياً : لا الناهية الجازمة :
وهي الموضوعة لطلب الكف عن العمل ، وتختص بالدخول على الفعل المضارع ، وتخلصه للاستقبال ، ويخاطب بها المخاطب والغائب كثيراً .
كقوله تعالى ( ولا تصعر خدك للناس )(1) .
وقوله تعالى ( ولا تدع من دون الله )(2) .
ومنه قول ابن زيدون :
أهدي إلي بقية المسواك لا تظهري بخلاً بعود أراك
ومنه قول المتنبي :
لا تشتر العبد إلا والعصا معه إن العبيد لأنجاس مناكيد
ومثال مجيئها للغائب : لا يهمل أحدكم الدرس .
ـــــــــــــــ
(1) لقمان [18] (2) يونس [106] .
لا
أما مجيئها مع المتكلم فنادر وتفيد الدعاء .
ومنه قول الشاعر * :
إذا ما خرجنا من دمشق فلا نعد لها أبداً ما دام فيها الجراضم
ومنه قول ابن زيدون :
فليسخط الناس لا أهد الرضا لهم ولا تضيع لك عهد آخر الأبد
ثالثاً : لا الزائدة :
وهي المعترضة بين الجار والمجرور .
كقول المتنبي :
ما الشوق مقتنعاً مني بذا الكبد حتى أكون بلا قلب ولا كبد
ومنه قول ابن الرومي :
الخط أعمى ولولا ذاك لم تره للبحتري بلا عقل ولا أدب
وتأتي زائدة لتوكيد النفي .
كقوله تعالى ( غير المغضوب عليهم ولا الضالين )(1) .
وتزاد بعد أن المصدرية .
كقوله تعالى ( ما منعك ألا تسجد )(2) .
ـــــــــــــــ
(1) الفاتحة [7] (2) الأعراف [12] .
* الوليد بن عقبة : هو الوليد بن عقبة بن أبي معيط ، ويكنى أبا وهب ، أخو عثمان بن عفان لأمه ، وأمهما أروى بنت كريز ، كان من فتيان قريش وشعرائهم وشجعانهم وأجوادهم ، وكان فاسقاً ، ولاه عثمان بن عفان الكوفة فشرب الخمر وصلى بالناس فشهدوا عليه بذلك فحده وعزله ، وقد نسب البيت للفرزدق أنظر الأزهية ص150 .
لا
نماذج من الإعراب
قال تعالى ( لا إكراه في الدين ) .
لا : نافية للجنس حرف مبني على السكون لا بمحل له من الإعراب .
إكراه : اسم لا مبني على الفتح في محل نصب .
في الدين : جار ومجرور متعلقان بمحذوف في محل رفع خبر لا .
قال الشاعر :
فلا ثوب مجد غير ثوب ابن أحمد على أحد إلا بلؤم مرقع
فلا : الفاء حسب ما قبلها ، لا نافية للجنس .
ثوب : اسم لا منصوب بالفتحة ، وهو مضاف .
مجد : مضاف إليه مجرور .
غير : صفة لثوب ، وغير مضاف .
ثوب : مضاف إليه ، وثوب مضاف .
ابن أحمد : ابن مضاف إليه ، وابن مضاف ، وأحمد مضاف إليه .
على أحد : جار ومجرور متعلقان بمحذوف في محل رفع خبر لا .
إلا : أداة حصر لا عمل لها .
بلؤم : جار ومجرور جار ومجرور متعلقان بمحذوف في محل رفع خبر مقدم .
مرقع : مبتدأ مؤخر .
قال الشاعر :
تعز فلا شيء على الأرض باقيا ولا وزر مما قضى الله واقيا
تعز : فعل أمر مبني على حذف حرف العلة ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوباً تقديره أنت .
فلا : الفاء تعليلية ، لا نافية تعمل عمل ليس .
شيء : اسم لا مرفوع .
لا
على الأرض : جار ومجرور متعلقان بباقيا الآتي ، ويجوز تعلقها بمحذوف صفة لشيء .
باقيا : خبر لا منصوب .
ولا : الواو حرف عطف ، لا نافية تعمل عمل ليس .
وزر : اسم لا مرفوع .
مما : جار ومجرور متعلقان بقوله واقيا .
قضى الله : فعل ماض ، الله : لفظ الجلالة فاعل مرفوع .
والجملة لا محل لها من الإعراب صلة الموصول ، والعائد محذوف ، تقديره مما قضاه الله .
واقيا : خبر لا منصوب .
قال تعالى ( لا فيها غول ولا هم عنها ينزفون ) .
لا : نافية لا عمل لها ، حرف مبني على السكون لا محل له من الإعراب .
فيها : جار ومجرور متعلقان بمحذوف في محل رفع خبر مقدم .
غول : مبتدأ مؤخر مرفوع .
ولا : الواو حرف عطف ، لا نافية لا عمل لها .
هم : ضمير منفصل في محل رفع مبتدأ .
عنها : جار ومجرور متعلقان بالفعل الآتي .
ينزفون : فعل مضارع مبني للمجهول مرفوع بثبوت النون لأنه من الأفعال الخمسة وواو الجماعة في محل رفع نائب فاعل ، والجملة في محل رفع خبر هم .
قال الشاعر :
فلا تتقون الشر حتى يصيبكم ولا تعرفون الأمر إلا تبددا
فلا : الفاء عاطفة ، لا نافية لا عمل لها .
تتقون : فعل مضارع مرفوع بثبوت النون ، وواو الجماعة في محل رفع فاعله .
لا
الشر : مفعول به منصوب .
حتى : حرف جر وغاية مبني على السكون لا محل له من الإعراب .
يصيبكم : فعل مضارع منصوب بأن مضمرة وجوباً بعد حتى ، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازاً تقديره هو يعود على الشر ، والكاف في محل نصب مفعول به .
والمصدر المؤول من أن المضمرة والفعل في محل جر بحتى .
ولا : الواو حرف عطف ، لا نافية لا عمل لها .
تعرفون : معطوف على تتقون .
الأمر : مفعول به .
إلا : أداة حصر .
تبددا : حال منصوب .
قال الشاعر :
كيف ننسى مواقفاً لك فينا كنت فيها المهيب لا الهيابا
كيف : اسم استفهام مبني على الفتح في محل نصب حال .
ننسى : فعل مضارع مرفوع بالضمة وفاعله ضمير مستتر فيه وجوباً تقديره نحن .
مواقفاً : مفعول به منصوب .
لك : جار ومجرور متعلقان بننسى .
كنت : كان فعل ماض ناقص ، والتاء في محل رفع اسمها .
فيها : جار ومجرور متعلقان بكنت .
المهيب : خبر كان منصوب .
لا : عاطفة تفيد النفي ، حرف مبني على السكون لا محل له من الإعراب .
الهيابا : معطوف على المهيب منصوب قبله .
وجملة كنت فيها المهيب ... إلخ في محل نصب صفة لموافقاً ، والرابط الضمير ( فيها ) .
لا
قال الشاعر : " فقال : لا ، بل غدرك " .
فقال : الفاء تعليلية ، قال فعل ماض ، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازاً تقديره هو .
لا : حرف جواب يفيد النفي مبني على السكون لا محل له من الإعراب .
بل : حرف عطف يفيد الإضراب مبني على السكون لا محل له من الإعراب .
غدرك : فعل ماض ، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازاً تقديره هو ، والكاف في محل نصب مقول القول .
قال تعالى ( ولا تصعر خدك للناس ) .
ولا : الواو حرف عطف ، لا ناهية جازمة حرف مبني على السكون لا محل له من الإعراب .
تصعر : فعل مضارع مجزوم بلا ، وعلامة جزمه السكون ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوباً تقديره أنت .
خدك : خد مفعول به، وهو مضاف ، والكاف في محل جر مضاف إليه .
للناس : جار ومجرور متعلقان بالفعل .
قال الشاعر :
ما الشوق مقتنعاً مني بذا الكبد حتى أكون بلا قلب ولا كبد
ما : ما نافية تعمل عمل ليس حرف مبني على السكون لا محل له من الإعراب .
الشوق : اسم ما مرفوع بالضمة .
مقتنعاً : خبر ما منصوب بالفتحة .
مني : جار ومجرور متعلقان باسم الفاعل .
بذا : الباء حرف جر ، ذا اسم إشارة مبني على السكون في محل جر ، والجار والمجرور متعلقان باسم الفاعل أيضاً .
لا
الكبد : بدل من اسم الإشارة مجرور .
حتى : حرف جر وغاية .
أكون : فعل مضارع منصوب بأن مضمرة وجوباً بعد حتى ، واسمها ضمير مستتر فيه وجوباً تقديره أنا ، والمصدر المؤول من أن والفعل في محل جر بحتى .
بلا : الباء حرف جر ، لا زائدة تفيد النفي ( زائدة في لفظها مفيدة للنفي في معناها ) .
قلب : اسم مجرور والجار والمجرور متعلقان بمحذوف في محل نصب خبر كان .
ولا كبد : الواو للعطف ، لا كبد معطوف على ما قبله .
قال تعالى ( ما منعك ألا تسجد ) .
ما : اسم استفهام مبني على السكون في محل رفع مبتدأ .
منعك : منع فعل ماض ، والفاعل ضمير مستتر فيه وجوباً تقديره أنت ، والكاف في محل نصب مفعول به .
والجملة في محل رفع خبر المبتدأ .
ألا : أن حرف مصدري ونصب ، لا زائدة تفيد النفي حرف مبني على السكون لا محل له من الإعراب .
تسجد : فعل مضارع منصوب بأن ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوباً تقديره أنت .
والجملة من الفعل والفاعل في محل نصب مفعول به ثان لمنع .
لات
هي ( لا ) النافية ثم زيدت عليها التاء من أجل المبالغة والتأنيث ، كتأنيث ربت وثمت على رأي الجمهور ، وقيل غير ذلك ، وتعمل عمل ليس ، فترفع الاسم وتنصب الخبر بشروط هي :
1 – أن يكون اسمها وخبرها بلفظ الحين خاصة ، وبألفاظ الزمان عامة .
2 – أن يحذف اسمها أو خبرها ، والغالب حذف اسمها .
نحو قوله تعالى ( ولات حين مناص )(1) .
ومنه قول الشاعر * :
ندم البغاة ولات ساعة مندم والبغي مرتع مبتغيه وخيم
نماذج من الإعراب
قال تعالى ( ولات حين مناص ) .
ولات : الواو استئنافية ، لا حرف نفي يعمل عمل ليس ، والتاء للتأنيث اللفظي ، واسمها محذوف تقديره الحين .
حين : خبر لات منصوب ، وهو مضاف .
مناص : مضاف إليه مجرور ، وتقدير الكلام : ولات الحين حين مناص .
ـــــــــــــــ
(1) ص [3] .
* لقد اختلف في نسبة الشاهد إلى قائل معين ، فقد ورد في العيني ج2 ص146 منسوباً إلى محمد بن عيسى بن طلحة ، أو مهلهل بن مالك الكناني ، وهو بلا نسبة في بقية مصادره في كتب النحو ، وانظر في ذلك معجم شواهد النحو الشعرية الشاهد رقم 2528 ص607 .
لا سيما لبيك لدى
لا سيما
( لا ) النافية للجنس واسمها (1) .
لبيك
مفعول مطلق منصوب على المصدرية ، وقال سيبويه أنه منصوب بالفعل
( أي مفعول به ) ، ويستعمل بمعنى الإقبال على الأمر والاستجابة له ، ولا يكون إلا بصيغة المثنى (2)، وقال البعض ليس بمثنى وإنما هو مثال عليك وإليك (3) .
( أي مفعول به ) ، ويستعمل بمعنى الإقبال على الأمر والاستجابة له ، ولا يكون إلا بصيغة المثنى (2)، وقال البعض ليس بمثنى وإنما هو مثال عليك وإليك (3) .
نحو : لبيك اللهم لبيك .
لدى
ظرف للمكان مبني على السكون في محل نصب بمعنى ( عند ) لا يأتي مجروراً بمن ولا يضاف إلى الجمل .
كقوله تعالى ( كل حزب بما لديهم فرحون )(4) .
وقوله تعالى ( وألفيا سيدها لدى الباب )(5) .
وتأتي ( لدى ) خبراً ، وصفة ، وصلة ، وحالاً ، وذلك بخلاف ( لدن ) .
ومنه قول زهير :
لدى أسد شاكي السلاح مقذف له لبد أظفاره لم تقلم
وتأتي ( لدى ) ظرفاً زمانياً بمعنى ( حين ) .
نحو : سآتيك لدى وصولي ، أي : حين وصولي .
ـــــــــــــــ
(1) أنظر ص317 و ص461 .
(2) أنظر اللسان ج1 ص731 .
(3) أنظر اللسان ج15 ص238 .
(4) المؤمنون [53] (5) يوسف [25] .
لدن لذا
لدن
ظرف للمكان بمعنى ( عند ) يحل محل ابتداء غاية مبني على السكون ، ويأتي غالباً مجروراً بمن ، وهو من الظروف المضافة لفظاً ومعنى .
نحو قوله تعالى ( من لدن حكيم خبير )(1) .
وقوله تعالى ( وهب لنا من لدنك رحمة )(2) .
وقوله تعالى ( وعلمناه من لدنا علما )(3) .
وهي في الأمثلة السابقة مضافة إلى الاسم الظاهر والضمير ، وتضاف إلى الجملة كما في قول القطامي :
صريع غوان راقهن ورقنه لدى شب حتى شاب سود الذوائب
وقد تنصب على الظرفية الزمانية نحو : ذهبت إلى عملي لدن طلوع الشمس .
وإذا أضيفت إلى ياء المتكلم جاز أن تلحقها نون الوقاية فنقول : لدني ، وتحذف النون فتقل : لدني ، بتخفيف النون .
ويجوز حذف نون لدن كما تحذف نون كان ، فنقول : لد ، والاسم الذي يليها يكون مجروراً بالإضافة . وإذا تلاها ظرف زمان جاز جره بالإضافة أو نصبه على التمييز ، نحو : زرته لدن غدوةٍ ، أو غدوةً .
لذا
لفظة مؤلفة من ( اللام ) الجارة ، واسم الإشارة ( ذا ) .
وإعرابها جار ومجرور ، نحو قولنا : " لذا أقول إليها لو تطاوعني " .
ـــــــــــــــ
(1) هود [1] (2) آل عمران [8] (3) الكهف [65] .
لعل
حرف مشبه بالفعل من أخوات إن يفيد الترجي ، وهو توقع الأمر المحبوب .
نحو : لعل الله يرحمنا .
وتفيد الإشفاق ، نحو : لعل الجرح مميت .
والفرق بينهما : أن الترجي في المحبوب والإشفاق في المكروه .
وتفيد التعليل ، كقوله تعالى ( فقولا له قولاً ليناً لعله يتذكر أو يخشى )(1) .
وهذا المعنى أثبته الكسائي والأخفش ، أما مذهب سيبويه والمحققين فإنها في الآية للترجي ، والمعنى : اذهبا على رجائكما ذلك من فرعون .
وتفيد الاستفهام ، كقوله تعالى ( لا تدري لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا )(2) .
ومنه قول امرئ القيس :
وبدلن قرحاً دامياً بعد صحة لعل منايانا تحولن أبؤسا
وإذا دخلت ( ما ) الحرفية عليها كفتها عن العمل .
نحو : لعلما والدك قادم .
ومنه قول الفرزدق :
أعد نظراً يا عبد قيس لعلما أضاءت لك النار الحمار المقيدا
وقد تحذف لام ( لعل ) الأولى فيقال : عل ، " أنظر ( على ) ص334 " .
وإذا اتصلت بها ياء المتكلم كثر تجردها من نون الوقاية ، فنقول : لعلي .
ومنه قوله تعالى ( لعلي أعمل صالحاً فيما تركت )(3) .
وقل مجيئها بالنون ، نحو : لعلني .
ـــــــــــــــ
(1) طه [44] (2) الطلاق [1] (3) المؤمنون [100] .
لعمري
لفظة مؤلفة من لام الابتداء ، و ( عَمْرُ ) الذي يعرب مبتدأ ، وياء المتكلم في محل جر بالإضافة ، ويحذف خبره وجوباً لأن المبتدأ مشعر بالقسم .
نحو : لعمري لأعاقبنك .
ومنه قول أبي العلاء :
برود المخازي لابن آدم حلة لعمري لقد أعيت عليه الملابس
وتأتي مضافة إلى كاف الخطاب ، نحو : لَعَمْرُك .
ومنه قول لبيد :
لعمرك أن الموت ما أخطأ الفتى لكا الطول المرخى وثنياه باليد
ومنه قول زهير :
لعمرك ما جرت عليهم رماحهم دم ابن نهيل أو قتيل المثلم
نماذج من الإعراب
قال الشاعر : " لعمري لقد أعيت عليه الملابس " .
لعمري : اللام لام الابتداء حرف مبني على الفتح لا محل له من الإعراب .
عمري : مبتدأ ، وهو مضاف ، وياء المتكلم في محل جر بالإضافة ، وخبره محذوف وجوباً تقديره : قسم ، أي : لعمري قسم .
لقد : اللام واقعة في جواب القسم ، قد حرف تحقيق .
أعيت : فعل ماض ، والتاء للتأنيث الساكنة .
عليه : جار ومجرور متعلقان بأعيت .
الملابس : فاعل مرفوع .
والجملة لقد أعيت ... إلخ لا محل لها من الإعراب جواب القسم .
لغة
تأتي على وجهين :
أولاً : إما حالاً منصوبة ، نحو : قولهم : السنة لغة هي الطريق .
ومثلها كلمة اصطلاحاً .
نقول : السنة اصطلاحاً هي أقوال الرسول وأفعاله وتقريراته .
وقد توهم بعض النحاة ونصبوها على نزع الخافض ( أي على حذف حرف الجر ) ، والتقدير عندهم : السنة في اللغة .
ولا أرى هذا صحيحاً من وجوه أذكرها ، مع أن مقام البحث لا يقتضي ذلك ، ولكن أردت أن أوضح حثيثة غفل عنها البعض ، يقول سيبويه ( كما لم يجز حذف حرف الجر إلا في الأماكن في مثل دخلت البيت ) .
ويقول ابن عقيل : تقدم أن الفعل المتعدي يصل إلى مفعوله بنفسه .
وأذكر هنا أن الفعل اللازم يصل إلى مفعوله بحرف الجر ، نحو : مررت بزيد ، وقد يحذف حرف الجر فيصل إلى مفعوله بنفسه ، نحو : مررت زيداً .
قال الشاعر جرير :
تمرون الديار ولم تعوجوا كلمكم عليّ إذاً حرام
والتقدير : تمرون بالديار .
ومذهب الجمهور أنه لا ينقاس حذف حرف الجر مع غير ( أنَّ ) و ( أنْ ) بل مقتصر فيه على السماع (1) ، وقال الأشموني ( وإن حذف حرف الجر فالنصب للمنجر وجوباً وشذ إبقاؤه على جره ) ، ثم قال في موضع آخر : وحيث حذف الجار في غير ( أنَّ ) و ( أنْ ) فإنما يحذف نقلاً ، لا قياساً مطرداً وذلك على نوعين الأول وارد في السعة ، نحو : شكرته ، ونصحته ، وذهبت الشام ، والثاني مخصوص بالضرورة .
ـــــــــــــــ
(1) شرح ابن عقيل ج1 ص538 – 539 .
لغة
كقوله ( أليت حب العراق الدهر أطعمه ) ، والتقدير : على حب العراق (1) .
ونخلص من الأقوال السابقة إلى الآتي :
1 – أن حذف حرف الجر لا يكون عند جميع النحاة إلا في الأماكن التي ارتبطت بالجار مسبوقة بالفعل اللازم الذي تعدى في الأصل لمفعوله بواسطة حرف الجر المحذوف ، فعندما حذف حرف الجر نصب الاسم إما بالفعل قبله ، وهذا مذهب الجمهور ، وإما بنزع الخافض وهذا مذهب أخل الكوفة ، كما ذكر ذلك الصبان نقلاً عن ياسين في حاشيته (2) .
ومثلوا لما سبق بقولهم : دخلت البيت ، وذهبت الشام وتوجهت مكة ، وقد أكد ذلك ابن يعيش بقوله : قال صاحب الكتاب ( يعني سيبويه )(3) .
ويحذف حرف الجر فيتعدى الفعل بنفسه .
كقوله تعالى ( واختار موسى قومه سبعين رجلاً )(4) .
2 – أن الحذف غير قياسي وإنما اقتصر على السماع إلا ما كان مع ( أنَّ ) و ( أنْ ) و ( كي ) المصدرية ، فمثال حذفه مع ( أنّ ) ، قوله تعالى ( شهد الله أنه لا إله إلا هو )(5) .
ومثال حذفه من ( أنْ ) ، قوله تعالى ( أوعجبتم أنْ جاءكم ذكر من ربكم )(6) .
والتقدير في الآيتين : بأنه ، ومن أنْ جاءكم .
ومثال كي ، قولنا : جئتك كي تقوم ، والتقدير : لكي تقوم .
ومع ذلك يشترط في حذف حرف الجر فيما سبق أمن ( اللبس ) فإذا لم يؤمن اللبس لم يجز حذفه .
ـــــــــــــــ
(1) حاشية الصبان على شرح الأشموني ج2 ص89 – 90 .
(2) المرجع السابق . (3) شرح المفصل لابن يعيش ج8 ص50 .
(4) الأعراف [155] (5) آل عمران [18] (6) الأعراف [63] .
لغة
وإذا تتبعنا المواطن التي يحذف فيها حرف الجر لا نجد فيها واحداً يشير إلى أن كلمة ( لغة ) أو ( اصطلاحاً ) أو ما شابههما مما ينصب على نزع الخافض .
وقد ذكرت كتب النحو تلك المواطن بالتفصيل ، وخصها شرح الأشموني بثلاثة عشر موطناً ، وليس فيها واحد جاء منصوباً بعد حذف الجر وإنما بقيت جميعها على جرها ، ومنه على سبيل المثال :
1 – الجر بعد حذف رب ، وقد ذكرنا ذلك في باب رب ، فارجع إليه .
2 – بعد كم الاستفهامية إذا دخل عليها حرف الجر ، نحو : بكم ريال اشتريت ، والتقدير : بكم من ريال ، خلافاً لمن جعل الجر بالإضافة .
3 – لفظ الجلالة في القسم دون عوض ، نحو : والله لأفعلن .
4 – في جواب ما تضمن مثل المحذوف .
نحو : زيد في جواب بمن مررت .
وللاستزادة راجع شرح الأشموني ج2 ص300 وما بعدها .
ثانياً : أو مجرور بحرف الجر الظاهر ، نحو قولهم : في اللغة ، وفي الاصطلاح ، والجار والمجرور متعلقان بفعل محذوف تقديره أعني ، والجملة المقدرة معترضة .
نحو : السنة في اللغة هي الطريق .
ونحو : والحال في اللغة فضلة نكرة .
ونحو : الفقه في اللغة العلم بالشيء .
لكنْ
1 – مخففة من الثقيلة لا عمل لها ، وتكون للاستدراك إذا سبقها نفي ، وتدخل على الجمل الفعلية والاسمية ، فمثال دخولها على الجمل الفعلية ، قوله تعالى ( وما ظلمناهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون )(1) .
ومنه قول ابن زيدون :
ومن الشعر مما أدعيه فضيلة ترن ولكن انطقتني بالفواصل
ومنه قول العجير السلولي :
ولكن ستبكين خطوب كثيرة وشعت أهينوا في المجالس جوع
ومثال دخولها على الجمل الاسمية ، وهي عندئذ ابتدائية لمجرد إفادة الاستدراك ، قول زهير بن أبي سلمى :
إن ابن ورقاء لا تخشى بوادره لكن وقائعه في الحرب تنتظر
ومنه قوله تعالى ( لكنا هو الله ربي )(2) ، وأصله : لكن أنا ، فحذف ألفها فالتقت النون وكان التشديد .
كما تدخل على الأسماء ولا تعمل فيها ، كقوله تعالى ( لكن الراسخون في العلم منهم )(3) .
2 – وتكون لكن حرف عطف بشروط هي :
أ ـ أن يكون معطوفها مفرداً .
ب ـ أن تسبق بنفي أو نهي ، وألا تقترن بالواو ، نحو : ما قرأت نحواً لكن أدباً ، وما أكلت رطباً لكن عنباً .
3 – وتكون ابتدائية لإفادة الاستدراك أيضاً إذا سبقت بالواو .
نحو قوله تعالى ( ما كان محمد أبا أحد من رجالكم ولكن رسول الله )(4) .
ـــــــــــــــ
(1) النحل [118] (2) الكهف [38] .
(3) النساء [162] (4) الأحزاب [40] .
لكنْ لكنّ
ومنه قول العجير السلولي :
وما ذاك إن كان ابن عمي ولا أخي ولكن متى ما أملك الضر أنفع
وكذا إذا سبقت بإيجاب ، نحو : نجح محمد ولكن علي لم ينجح .
لكنّ
حرف مشبه بالفعل من أخوات إنّ ، ينصب الاسم ويرفع الخبر ، يفيد الاستدراك والتوكيد .
نحو : السلع متوفرة لكن الأسعار مرتفعة .
ومنه قوله تعالى ( وترى الناس سكارى وما هم بسكارى ولكن عذاب الله شديد )(1) .
ومنه قول المتنبي :
ولكن صبا خامر القلب في الصبا يزيد على مر الزمان ويشتد
ومنه قول عنترة :
إذ يتقون بي الأسنة لم أخم عنها ولكني تضايق مقدمي
وإذا اتصلت بها ( ما ) الحرفية الزائدة كفتها عن العمل ، وعم دخولها على الجمل الاسمية والفعلية على حد سواء .
كقول ساعدة بن جؤية :
ولكنما أهلي بواد أنيسه سباع تبغّي الناس مثنى وموحد
ومنه قول امرئ القيس :
ولكنما أسعى لمجد مؤثل وقد يدرك المجد المؤثل أمثالي
ـــــــــــــــ
(1) الحج [2] .
لكنْ لكنّ
نماذج من الإعراب
قال تعالى ( لكن الراسخون في العلم منهم ) .
لكن : حرف استدرا يفيد الاستثناء لا عمل له مبني على السكون لا محل له من الإعراب ، وحرك بالكسر لالتقاء الساكنين .
الراسخون : مبتدأ مرفوع بالواو .
في العلم : جار ومجرور متعلقان بالراسخون .
منهم : جار ومجرور متعلقان بمحذوف حال من الضمير المستتر في الراسخون .
وخبر المبتدأ قوله تعالى ( يؤمنون بما أنزل إليك )(1) ، ويصح أن يكون الخبر أيضاً قوله تعالى ( أولئك سنؤتيهم أجراً عظيماً ) في آخر الآية .
قال تعالى ( ولكن عذاب الله شديد ) .
ولكن : الواو للاستئناف ، لكن حرف مشبه بالفعل ناصب لاسمه رافع لخبره ، مبني على الفتح لا محل له من الإعراب .
عذاب : اسم لكن منصوب بالفتحة ، وعذاب مضاف .
الله : لفظ الجلالة مضاف إليه .
شديد : خبر لكن مرفوع بالضمة ، والجملة لا محل لها من الإعراب استئنافية .
ـــــــــــــــ
(1) أنظر إعراب القرآن للنحاس ج1 ص470 ، وأنظر إعراب القرآن الكريم وبيانه للشيخ محي الدين الدرويش مجلد 2 ص377 .
لَمْ لِمَ
لمْ
حرف جزم ونفي وقلب ، تجزم الفعل المضارع ، وتنفي وقوعه وتقلب معناه إلى الماضي .
كقوله تعالى ( لم يلد ولم يولد )(1) .
وقوله تعالى ( ألم تر كيف فعل ربك بأصحاب الفيل )(2) .
ومنه قول طرفة :
إذا القوم قالوا من فتىً خلت أنني عنيت فلم أكسل ولم أتبلد
ومنه قول لبيد :
أو لم تكن تدري نوار بأنني وصال عقد حبائل جذامها
لِمَ
مؤلفة من ( اللام ) الجارة و ( ما ) الاستفهامية التي حذفت ألفها لدخول حرف الجر عليها ، وقد تلحقها ( ها ) السكت فنقول : لمه .
نحو قوله تعالى ( قل يا أهل الكتاب لم تصدون عن سبيل الله )(3) .
وقوله تعالى ( قل يا أهل الكتاب لم تكفرون بآيات الله )(4) .
ومنه قول زياد الأعجم :
يا عجباً والدهر جم عجبه من عنزي سبني لِمَ أضربه
وكثير من النحاة يقولون بوجوب حذف ألف ( ما ) الاستفهامية إذا سبقها حرف الجر (1) .
كقول ابن مقبل :
أأخطل لم ذكرت نساء قيس فمل روعن عنك ولا سبينا
ـــــــــــــــ
(1) الإخلاص [3] (2) الفيل [1] .
(3) آل عمران [99] (4) آل عمران [98] .
لمّا
1 – حرف جزم ونفي واستغراق , فهي تنفي المضارع وتجزمه ويستغرق النفي جميع أجزاء الزمن الماضي ، ولذلك فهي مختلفة عن لم بأن نفيها مستمر حتى زمن المتكلم .
كقوله تعالى ( ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم )(2) .
ومنه قول امرئ القيس :
فقلت له لما عوى أن شأننا قليل الغنى إن كنت لما تمول
والشاهد في البيت قوله : لما تمول .
ومنه قول الحطيئة :
وأنت امرئ تبغي أبا قد ضللته ثكلت ألما تستفق من ضلالكما
2 – وتأتي لما ظرفية بمعنى ( الحين ) متضمنة للشرط غير جازمة مبنية على السكون في محل نصب ، وامتناع جزمها لاختصاصها بالدخول على الأفعال الماضية ، كقوله تعالى ( فلما أخذتهم الرجفة قال رب لو شئت أهلكتهم )(3) .
ومنه بيت امرئ القيس السابق : فقلت له لما عوى ... إلخ .
ومنه قول عنترة :
فلما وردن الماء زرقا جمامه وضعن عصى الحاضر المتخيم
ـــــــــــــــ
(1) أنظر المغني لابن هشام ج1 ص298 ، وخزانة الأدب للبغدادي ج6 ص100 .
(2) آل عمران [142] .
(3) الأعراف [155] .
لمّا
3 – وتكون ( لما ) بمعنى ( إلا ) ، نحو : سألتك لما فعلت ، بمعنى : إلا فعلت ، وهي لغة هذيل ، ومنه قوله تعالى في قراءة من أقر به ( إن كل نفس لما عليها حافظ )(1) ، ومعناه ما كل نفس إلا عليها حافظ .
ولما التي بمعنى ( إلا ) كأنها ( لم ) ضم إليها ( ما ) فصارت جميعها بمعنى ( إن ) التي تكون للجحود فضموا إليها ( لا ) فصارا حرفاً واحداً وخرجا من حد الجحد ، فنقول ( إلا ) وكذا الحال في ( لما )(2) .
نماذج من الإعراب
قال تعالى ( ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم ) .
ولما : الواو للحال ، لما : حرف جزم ونفي واستغراق مبني على السكون لا محل له من الإعراب .
يعلم : فعل مضارع مجزوم بلما وعلامة جزمه السكون ، وحرك بالكسر لالتقاء الساكنين .
الله : لفظ الجلالة فاعل .
الذين : اسم موصول مبني على السكون في محل نصب مفعول به .
جاهدوا : فعل وفاعل .
منكم : جار مجرور متعلقان بالفعل جاهد .
وجملة جاهدوا لا محل لها صلة الموصول ، وجملة لما يعلم في محل نصب حال .
ـــــــــــــــ
(1) الطارق [4] (2) أنظر اللسان ج12 ص552 .
لمّا لن
قال الشاعر :
لما رأيت القوم أقبل جمعهم يتذامرون كررت غير مذمم
لما : ظرف زمان مبني على السكون في محل نصب متضمن معنى الشرط غير جازم ، وهو مضاف .
رأيت : فعل وفاعل .
القوم : مفعول به أول .
والجملة الفعلية في محل جر مضاف إليه إلى لما .
أقبل : فعل ماض .
جمعهم : فاعل ، والهاء في محل جر بالإضافة .
والجملة من أقبل جمعهم في محل نصب مفعول به ثان لرأيت .
يتذامرون : فعل مضارع مرفوع بثبوت النون ، وواو الجماعة في محل رفع فاعل والجملة في محل نصب حال من الضمير في جمعهم .
كررت : فعل وفاعل .
غير : حال منصوبة من الضمير في كررت ، وغير مضاف .
مذمم : مضاف إليه مجرور .
والجملة كررت ... إلخ لا محل لها من الإعراب جواب الشرط .
لن
حرف نفي واستقبال ونصب ، تختص بالدخول على الفعل المضارع فتنفيه وتخلصه للاستقبال وتنصبه وكان الفعل قبل دخولها صالحاً للحال والاستقبال معاً .
نحو : لن يهمل المجد واجبه .
لن
ومنه قوله تعالى ( ولن تجد لسنة الله تبديلا )(1) .
ومنه قول أبي طالب * :
والله لن يصلوا إليك بجمعهم حتى أوسد في التراب دفينا
نماذج من الإعراب
والله : الواو للقسم ، الله لفظ الجلالة مجرور ، والجار والمجرور متعلقان بفعل القسم المقدر ، أي أقسم بالله .
لن يصلوا : لن حرف نفي واستقبال ونصب مبني على السكون لا محل له من الإعراب ، يصلوا : فعل مضارع منصوب ، وعلامة نصبه حذف النون لأنه من الأفعال الخمسة ، وواو الجماعة في محل رفع فاعل .
إليك : جار ومجرور متعلقان بيصلوا .
بجمعهم : جار ومجرور متعلقان بيصلوا أيضاً ، والضمير في محل جر بالإضافة .
حتى : حرف جر وغاية مبني على السكون لا محل له من الإعراب .
ـــــــــــــــ
(1) الأحزاب [62] .
* أبو طالب : هو بن عبد المطلب بن هاشم ، من قريش ، وكنيته أبو طالب ، وطالب آخر أبنائه ، وهو والد علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، وعم النبي صلى الله عليه وسلم وكافله ومربيه وناصره ، كان من أبطال بني هاشم وفرسانهم ، ومن الخطباء العقلاء الأباة ، كان صاحب تجارة ، دعاه الرسول صلى الله عليه وسلم إلى الإسلام فامتنع خوفاً من أن تعيره العرب بتركه دين آبائه ، ونزل فيه قوله تعالى ( إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء ) 56 القصص ، توفي كافراً بمكة المكرمة قبل الهجرة النبوية الشريفة بثلاث سنين وأربعة أشهر .
لن لو
أوسد : فعل مضارع منصوب بأن مضمرة وجوباً بعد حتى ، والفاعل ضمير مستتر وجوباً تقديره أنا ، والمصدر المؤول من أن المحذوفة والفعل في محل جر بحتى .
في التراب : جار ومجرور متعلقان بأوسد .
دفينا : حال منصوبة بالفتحة .
لو
وله أربعة أقسام :
أولاً : حرف شرط غير جازم يربط بين جملتي الشرط والجواب ، ويفيد الامتناع
( امتناع الجواب لامتناع الشرط ) وهي للتعليق في الماضي .
( امتناع الجواب لامتناع الشرط ) وهي للتعليق في الماضي .
نحو : لو درست جيداً لنجحت في الامتحان .
ومنه قوله تعالى ( لو أنزلنا هذا القرآن على جبل لرأيته خاشعاً )(1) .
ومنه قول الشاعر :
لو كل كلب عوى ألقمته حجراً لأصبح الصخر مثقالاً بدينار
وتأتي ( لو ) الشرطية بمعنى ( إن ) الشرطية فيليها فعل مضارع دال على الاستقبال أو ماض فتصرفه إلى الاستقبال وهي غير جازمة أيضاً .
كقوله تعالى ( وليخش الذين لو تركوا من خلفهم ذرية )(2) .
ومنه قول الشاعر القطامي :
لا يُلفِك الراجوك إلا مظهرا خلق الكرام ولو تكون عديما
ومثال الماضي المصروف للمستقبل : قوله تعالى ( وما أنت بمؤمن لنا ولو كنا صادقين )(3) .
ـــــــــــــــ
(1) الحشر [31] (2) النساء [8] (3) يوسف [17] .
لو
ومنه قول الأخطل :
قوم إذا حاربوا شدوا مآزرهم دون النساء ولو باتت بإظهار
تنبيه :
1 – الأصل في لو الشرطية أن يليها فعل ، ولكن قد يليها اسم فيكون فاعلاً لفعل محذوف ، كقولة عمر رضي الله عنه : " لو غيرك قالها يا أبا عبيدة " .
ومنه قوله تعالى ( لو أنتم تملكون خزائن رحمة ربي )(1) .
ومنه قول الغطمش الظبي :
أخلايَّ لو غير الحمام أصابكم عتبت ولكن ما على الدهر معتب
ولكن في هذا خلاف ، لأن بعض النحاة يرى أن ( لو ) لا يليها فعل مضمر إلا ضرورة كما في البيت السابق .
ونقول إن انفصال الضمير عن الفعل المحذوف من الآية السابقة يعمم ذلك .
وقد تأتي ( أن ) المشبهة بالفعل بعد لو ، وللنحاة في إعرابها وجوه .
فقد أعربها سيبويه مبتدأ حذف خبره في قوله تعالى ( ولو أنهم صبروا )(2) ، وقوله تعالى ( ولو أن ما في الأرض من شجرة أقلام )(3) ، ومنه قول الشاعر * :
ما أطيب العيش لو أن الفتى حجر تنبو الحوادث عنه وهو ملموم
أما الكوفيون وكثيراً من النحاة يرون أنها فاعل لفعل محذوف تقديره : تبت ، أو حصل ، أو استقر ، وهذا هو الأفصح . والله أعلم .
ـــــــــــــــ
(1) الإسراء [100] (2) الحجرات [5] (3) لقمان [17] .
* ابن مقبل : هو تميم بن أبي بن مقبل من بني العجلان ، ويكنى أبا كعب ، شاعر جاهلي مجيد مغلب ، أدرك الإسلام وأسلم ولكنه كان جافياً في الدين ، وكان في الإسلام يبكي أهل الجاهلية ، عمر طويلاً ، وكان يهجي النجاشي الحارثي قيس بن عمرو بن مالك ، ولكن النجاشي تغلب عليه ، وجعله ابن سلام من الطبقة الإسلامية الخامسة .
لو
ومنه قول المعري :
ولو أني حببت الخلد فرداً لما أحببت في الخلد انفرادا
2 – يغلب في خبر لو أن يقترن باللام كما مر معنا في بعض الأمثلة السابقة .
ومنه قول المتنبي :
وخفوق قلبي لو رأيت لهيبه يا جنتي لظننت فيه جهنما
وقد لا يقترن باللام ، كقول عنترة :
لو كان يدري ما المحاورة اشتكى ولكان لو علم الكلام مكلمي
3 – ويحذف جواب لو إذا تقدم ما يدل عليه ، ويغلب ذلك إذا سبقها واو الحال .
كقوله تعالى ( ولأمة مؤمنة خير من مشركة ولو أعجبتكم )(1) .
ومنه قول المتنبي :
أتى خبر الأمير فقيل كروا فقلت نعم ولو لحقوا بشاش (2)
ثانياً : تأتي ( لو ) حرف مصدري غير ناصب وعلامة ذلك أن يصلح في موضعها ( أن ) المصدرية ، يغلب ذلك في وقوعها بعد الفعل ( ود ) أو ما في معناه .
كقوله تعالى ( يود أحدهم لو يعمر )(3) .
وقوله تعالى ( ودوا لو تدهن فيدهنون )(4) .
ومثال مجيء ( لو ) بعد مصدر ( ود ) ، قول الشاعر * :
وودت ودادة لو أن حظي من الخلان أن لا يصرموني
ـــــــــــــــ
(1) البقرة [221] (2) شاش : بلد ما وراء النهر .
(3) البقرة [96] (4) القلم [9] .
* الشاهد بلا نسبة في مصادره .
لو
وقد ترد لو المصدرية غير مسبوقة بالفعل ( ود ) أو مشتقاته .
كقول الأعشى :
وربما فات قوما جل أمرهم من التأني وكان الحزم لو عجلوا
ومنه قول الشاعر * :
ما كان ضرك لو مننت وربما من الفتى وهو المغيظ المحنق
ثالثاً : تأتي للعرض ، وجوابها عندئذ فعل مضارع منصوب بالفاء .
كقولهم : لو تنزل عندنا فتصيب خيراً .
رابعاً : تأتي للتمني :
نحو : لو تأتينا فتحدثنا ، ومنه قوله تعالى ( فلو أن لنا كرة فنكون )(1) .
ومنه قول الشاعر المهلهل ** :
فلو نبش القابر عن كليب فيخبر بالذنائب أي زير
ـــــــــــــــ
(1) البقرة [167] .
* قتيلة بنت النضر : هي قتيلة بنت النضر بن الحارث بن كلدة ، أحد بني عبد الدار ، وقيل هي أخت النضر ، أمر الرسول صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب فقتل أباها النضر يوم بدر كما أمر بقتل عقبة بن مخيط ، فقامت قتيلة ترثي أباها بقصيدة طويلة مخاطبة الرسول صلى الله عليه وسلم فلما بلغ النبي ذلك قال " لو سمعت هذا قبل أن أقتله ما قتلته " ، فيقال أن شعرها أكرم شعر موتور وآلفه وأحلمه .
** المهلهل : هو أبو ليلى المهلهل عدي بن ربيعة ، وقيل : امرؤ القيس بن ربيعة بن الحارث بن زهير التغلبي خال امرئ القيس الشاعر المشهور ، ولقب مهلهل لأنه أول من هلهل الشعر أي رققه ، ويقال أنه أول من قصد القصيد ، كان من أصبح الناس وجهاً وأفصحهم لساناً ، عكف في صباه على اللهو والتشبيب بالنساء ، حتى قتل أخوه كليب فكانت وقائع بكر وتغلب المعروفة بحرب البسوس .
لو
خامساً : للتقليل :
نحو : تصدق ولو بريال ، ومنه قول الرسول صلى الله عليه وسلم عن عدي بن حاتم " اتقوا النار ولو بشق تمرة " متفق عليه .
نماذج من الإعراب
1 – لو الشرطية : قال تعالى ( لو أنزلنا هذا القرآن على جبل لرأيته خاشعاً ) .
لو : حرف شرط غير جازم يفيد الامتناع مبني على السكون لا محل له من الإعراب .
أنزلنا : فعل وفاعل .
هذا : اسم إشارة مبني على السكون في محل نصب مفعول به .
القرآن : بدل منصوب ، وجملة أنزلنا ... إلخ ابتدائية لا محل لها من الإعراب .
على جبل : جار ومجرور متعلقان بأنزلنا .
لرأيته : اللام واقعة في جواب لو ، رأيت فعل وفاعل ، والهاء في محل نصب مفعول به .
خاشعاً : حال من المفعول به ، لأن الفعل رأى بمعنى أبصر يتعدى لمفعول واحد .
وجملة لرأيته ... إلخ جواب لشرط غير جازم فهي لا محل لها من الإعراب .
2- لو المصدرية : قال تعالى ( يود أحدهم لو يعمر ) .
يود : فعل مضارع مرفوع بالضمة .
أحدهم : فاعل ، والضمير في محل جر مضاف إليه .
وجملة يود ... إلخ ابتدائية لا محل لها من الإعراب .
لو : حرف مصدري مبني على السكون لا محل له من الإعراب .
يعمر : فعل مضارع مرفوع ، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازاً تقديره هو .
وجملة يعمر لا محل لها من الإعراب صلة لو المصدرية ، ولو وما دخلت عليه في تأويل مصدر مفعول به ، والتقدير : يود أحدهم التعمير .
لو
3 – لو التي للعرض والتمني :
" لو تنزل عندنا فتصيب خيراً " .
لو : حرف عرض وتمني لا عمل له مبني على السكون لا محل له من الإعراب .
تنزل : فعل مضارع مرفوع ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوباً تقديره أنت .
عندنا : ظرف مكان متعلق بتنزل ، ونا المتكلمين في محل جر مضاف إليه .
وجملة لو تنزل عندنا لا محل لها من الإعراب ابتدائية .
فتصيب : الفاء حرف عطف يفيد السببية ، تصيب فعل مضارع منصوب بأن مضمرة وجوباً بعد فاء السببية ، والفاعل ضمر مستتر فيه وجوباً تقديره أنت .
والمصدر المؤول من أن المضمرة والفعل معطوف على مصدر مقدر ، وجملة تصيب لا محل لها من الإعراب صلة أن المقدرة .
خيراً : مفعول به منصوب بالفتحة الظاهرة .
4 – لو للتقليل :
قال الرسول صلى الله عليه وسلم " اتقوا النار ولو بشق تمرة " .
اتقوا : فعل أمر مبني على حذف النون ، وواو الجماعة فاعله .
النار : مفعول به ، وجملة اتقوا ابتدائية لا محل لها من الإعراب .
ولو : الواو استئنافية ، لو حرف تقليل لا عمل له .
بشق : جار ومجرور متعلقان باتقوا ، وشق مضاف .
تمرة : مضاف إليه مجرور ، وجملة ولو بشق تمرة استئنافية لا محل لها من الإعراب .
لولا
وهي على ثلاثة أقسام :
أولاً : حرف شرط غير جازم يفيد امتناع الجواب لوجود الشرط ، وهي مركبة من ( لو ) و ( لا ) الزائدة التي لا عمل لها .
كقوله تعالى ( ولولا نعمة ربي لكنت من المحضرين )(1) .
ويقترن جوابها باللام كثيراً ، ويغلب على الاسم بعدها أن يكون مبتدأ حذف خبره ، كقوله تعالى ( فلولا فضل الله عليكم ورحمته لكنتم من الخاسرين )(2) .
ومنه قول جرير :
لولا الحياء لهاجني استعبار ولزرت قبرك والحبيب يزار
وقد لا يقترن جوابها باللام ، كقول الشاعر * :
لولا أبوك ولولا قبله عمر ألقت إليك معد بالمقاليد
ثانياً : تأتي لولا حرف تحضيض وعرض ، إذا تلاها فعل مضارع .
كقوله تعالى ( لولا تستغفرون الله )(3) .
وقوله تعالى ( لولا أخرتني إلى أجل قريب )(4) .
ومثال العرض ، قوله تعالى ( فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة )(5) .
ومعنى التحضيض : الطلب بإزعاج وعنف ، أما العرض فهو الطلب بلين وأدب .
ـــــــــــــــ
(1) الصافات [57] (2) البقرة [64] (3) النحل [46] .
(4) المنافقون [10] (5) التوبة [22] .
* أبو العطاء السندي : هو أفلح بن يسار وقيل مرزوق ، عبد أسود من موالي بني أسد بن خزيمة ، ويكنى أبا العطاء ، سندي الأصل منشأه الكوفة من مخضرمي الدولتين وفي لسانه عجمة ، كان شاعراً فحلاً قوي البديهة ، وقد تشيع للأمويين وهجا بني هاشم ، مات في أواخر أيام المنصور وقيل حوالي سنة 180 هـ .
لولا
ثالثاً : وتأتي حرف توبيخ إذا تلاها فعل ماض ، كقوله تعالى ( ولولا إذ سمعتموه قلتم )(1) ، وقوله تعالى ( لولا جاءوا عليه بأربعة شهداء )(2) .
نماذج من الإعراب
1- لولا الشرطية : قال الشاعر :
لولا الحياء لهاجني استعبار ولزرت قبرك والحبيب يزار
لولا : حرف شرط غير جازم .
الحياء : مبتدأ حذف خبره وجوباً ، والتقدير : لولا الحياء موجود .
وجملة الحياء مع خبر المحذوف ابتدائية لا محل لها من الإعراب .
لهاجني : اللام واقعة في جواب لولا ، حرف مبني على الفتح لا محل لها من الإعراب ، هاج فعل ماض ، والنون للوقاية ، والياء في محل نصب مفعول به .
استعبار : فاعل مرفوع ، وجملة هاجني استعبار لا محل لها من الإعراب جواب شرط غير جازم .
ولزرت : الواو حرف عطف ، لزرت معطوف على لهاجني ، والتاء في محل رفع فاعل .
قبرك : مفعول به ، والكاف في محل جر مضاف إليه .
والحبيب : الواو للاستئناف ، الحبيب مبتدأ مرفوع .
يزار : فعل مضارع مبني للمجهول مرفوع بالضمة ، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازاً تقديره هو ، والفعل ونائب فاعله في محل رفع خبر المبتدأ ، وجملة المبتدأ وخبره لا محل لها من الإعراب استئنافية .
ـــــــــــــــ
(1) النور [16] (2) النور [13] .
لولا لوما
0 comments:
Post a Comment