حرف السين


حرف السين
1 ـ السين حرف تنفيس للمستقبل القريب ، وسميت كذلك لأنها تنفس في الزمان فيصير الفعل المضارع مستقبلاً بعد احتماله للحال والاستقبال وذلك نحو قولك : ستخرج ، وستذهب ، والمعنى أنك تفعل ذلك فيما يستقبل من الزمان . نحو قوله تعالى ( وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون )(2) يعني يوم القيامة .
     ومن ثم يختص دخولها على الأفعال المضارعة غير عاملة فيها ، نحو : سأسافر إلى الرياض ، ومنه قوله تعالى ( فسيكفيكهم الله وهو السميع العليم )(3) . وقوله تعالى ( كلا سيعلمون )(4) ، ومنه قول الشريف الرضي * :
              ستعلمون ما يكون مني       إن مد في ضبعي طول سني
ــــــــــــــ
(1) النساء [22]              (2) الشعراء [227] .
(3) البقرة [137]             (4) النبأ [4] .
     * الشريف الرضي : هو أبو الحسن محمد بن الطاهر ذي المناقب أبي أحمد الحسين بن موسى المعروف بالموسوي ، ينتهي نسبه إلى علي بن أبي طالب ، شاعر مشهور يقول عنه الثعالبي " ابتدأ بقول الشعر بعد أن جاوز عشر سنين بقليل وهو اليوم أبدع إنشاء الزمان ، وأنجب سادة العراق ، وهو أشعر الطالبين على كثرة شعرائهم المفلقين ،  بل قيل أنه أشعر قريش " ، ولد سنة 359 هـ ببغداد وتوفي سنة 406 هـ ودفن بداره بالكرخ .
حرف السين       سأ       ساء

2 ـ أحرف الزيادة التي يجمعها كلمة ( سألتمونيها ) .
     نحو : استغفر الله من كل ذنب عظيم .
     فالسين في استغفر حرف زائد مع الهمزة والتاء من الأفعال الثلاثية .

سأ

     اسم صوت للحمار يورد به أو يزجر ، وهو من أسماء الأصوات التي تشبه اسم الفعل لأنه يخاطب بها ما لا يعقل من الحيوان أو صغار الإنسان .

ساء

     تأتي فعلاً ماضياً جامداً لإنشاء الذم ، بمعنى ( بئس ) ، محرر من الحدث والزمن وله أحكام بئس . نحو : ساء طالباً علي .
     ومنه قوله تعالى ( إنه كان فاحشة وساء سبيلاً )(1) .
     وقوله تعالى ( فصدوا عن سبيله إنهم ساء ما كانوا يعملون )(2) .
ساء : فعل ماض جامد لإنشاء الذم ، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازاً تقديره هو ، فسره التمييز سبيلاً ، والمخصوص بالذم محذوف تقديره ذلك النكاح ، وجملة ساء سبيلاً مستأنفة لا محل لها من الإعراب .
     وتأتي فعلاً تاماً متصرفاً بمعنى ( أحزن ) أو قبح أو فعل به ما يكرهه .
     نحو : ساءني أنكم متفرقون ، أي أحزنني .
ـــــــــــــــ
(1) النساء [22]              (2) التوبة [9] .
ساء       سأل

الإعراب

ساء : فعل ماض مبني على الفتح ، والنون للوقاية ، والياء ضمير متصل في محل نصب مفعول به .
أنكم متفرقون : أن واسمها وخبرها ، والمصدر المؤول في محل رفع فاعل ،
والتقدير : ساءني تفرقكم .

سأل
     من الأفعال التي تتعدى لمفعولين ليس أصلهما المبتدأ والخبر .
نحو : سأل الفقير الغني زكاة ماله ، وهو بمعنى ( طلب ) أو ( استجدى ) .
     ومنه قوله تعالى ( تعرفهم بسيماهم لا يسألون الناس إلحافا )(1) .
لا : نافية لا عمل لها .
يسألون : فعل مضارع مرفوع بثبوت النون لأنه من الأفعال الخمسة ، وواو الجماعة في محل رفع فاعله .
الناس : مفعول به أول ، والمفعول به الثاني محذوف تقديره شيئاً .
إلحافاً : " فيها ثلاثة أوجه من الإعراب " :
فهي إما أن تكون مفعولاً مطلقاً لفعل محذوف ، والتقدير : يلحفون إلحافاً ، أو مصدراً مؤولاً في موضع حال أي : لا يسألون حالة كونهم ملحفين ، أو مفعولاً لأجله ، والتقدير : لا يسألون لأجل الإلحاف .
     وجملة لا يسألون ... إلخ في محل نصب حال من ( للفقراء ) في أول الآية .
ــــــــــــــ
(1) البقرة [272] .
سأل       سبحان

     وتأتي سأل فعلاً ماضياً يتعدى لمفعول به واحد إذا كان بمعنى ( استفسر ) .
     نحو : سأل الطالب سؤالاً واضحاً .
     ومنه قوله تعالى ( وإذا سألك عبادي عني فإني قريب )(1) .
سألك : فعل ماض مبني على الفتح ، والكاف ضمير متصل في محل نصب مفعول به .
عبادي : فاعل مرفوع بالضمة ، والياء في محل جر مضاف إليه .
عني : جار ومجرور متعلقان بسأل .
فإني قريب : الفاء رابطة لجواب الشرط ، وإن حرف توكيد ونصب ، والياء ضمير المتكلم في محل نصب اسمها ، وقريب خبر إن مرفوع .
     وجملة فإني قريب لا محل لها من الإعراب جواب شرط غير جازم .

سبحان

     نائب عن المفعول المطلق يفيد التعجب ، وفعله محذوف .
     كقوله تعالى ( سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً )(2) ، ومنه قول أبي العلاء :
          أما الحياة ففقر لا غنى معه        والموت يغني فسبحان الذي قدرا
     ومنه قول أمية بن أبي الصلت :
             سبحان ثم سبحاناً يعود له        وقبلنا سبح الجودي والجمد
     فسبحان الثانية في البيت الأخير جاء منوناً لانقطاعه عن الإضافة ، وتنوينها بالنصب دليل على نيابتها عن المفعولية المطلقة .
ــــــــــــــ
(1) البقرة [186]             (2) الإسراء [1] .
سحر       سدى

سحر
     تأتي لفظاً يعنى قبيل الصبح إذا أردت سحر ليلتك ( يوم معين ) ممنوع من الصرف للعلمية والعدل ، وهو معدول عن السحر .
     نحو : نمت بسحر ، بجر سحر بالفتحة نيابة عن الكسرة لمنعها من الصرف .
     وإذا أردت به سحر يوم ما ( يوم غير معين ) صرفته ، نحو قوله تعالى ( إلا آل لوط نجيناهم بسحر )(1) ، بجر سحر بالكسرة لأنها مصروفة .
     وإذا قلت : سير على فرسك ، فلا يرفع بالنيابة عن الفاعلية ، لأنه ظرف غير متصرف ، وإذا صغرته نونته ، نحو : سير عليه سحيراً .
     وكذلك إذا عرفته بالألف واللام يكون معرباً ، وإعرابه بحركات ظاهرة حسب موقعه في الجملة ، نحو : كان السحر بارداً ، وإن السحر أفضل للسفر من
الظهيرة .
     وإذا قلت : سافرت سحراً ، فهو منصوب على الظرفية الزمانية .
     وتأتي فعلاً ماضياً متعدياً لمفعول به واحد ، بمعنى خدعه أو عمل له السحر ، نحو : سحرك فلان ، أي خدعك .
فسحر : فعل ماض مبني على الفتح ، والكاف ضمير في محل نصب مفعول به .
فلان : فاعل مرفوع بالضمة .

سدى
     تعرب حالاً منصوبة بالفتحة الظاهرة على آخره في نحو قولك : ذهبت أتعابي سدى .
ــــــــــــــ
(1) القمر [34] .
سرعان      سعديك      سوى

سرعان
     اسم فعل ماض مبني على الفتح بمعنى ( أسرع ) ، نحو : سرعان الوقت ما يمر ، وسرعان ما توقفت بنا القافلة ، ويكون بضم السين وفتحها .

سعديك
     مصدر غير متصرف لفعل محذوف تقديره : أسعدك الله إسعاداً بعد إسعاد .
     ويعرب مفعولاً مطلقاً منصوباً بالياء لأنه بلفظ المثنى ، ومع أنه بلفظ المثنى إلا أنه يدل على الكثرة والجمع ، ومثله حنانيك ، ولبيك .
سوى
     اسم بمعنى ( غير ) توصف به النكرة ويقع مستثنى .
     مثال وصفه للنكرة : عندي كتاب سوى كتابك .
     ومثال وقوعه مستثنى : حضر الطلاب سوى طالب .
     ومنه قول قيس بن ذريح :
       وكل مصيبات الزمان وجدتها        سوى فرقة الأحباب هينة الخطب
     ومثال مجيئها في الاستثناء المنقطع ، قول الشاعر * :
     لم ألف في الدار ذا نطق سوى طلل        قد كاد يعفو وما بالعهد من قدم
     ويعامل سوى في الاستثناء معاملة الاسم الواقع بعد ( إلا ) وعلى ذلك لها ثلاثة مواقع إعرابية :
1 ـ وجوب النصب على الاستثناء إذا كانت جملة الاستثناء تامة مثبتة .
     نحو : تسلم الفائزون جوائزهم سوى فائز ، فهي تعادل قولنا فائزاً .
ـــــــــــــ
     * الشاهد بلا نسبة في مصادره .
سوى       سواء

2 ـ جواز النصب أو الإتباع ، إذا كانت جملة الاستثناء تامة منفية .
     نحو : ما تسلم الفائزون جوائزهم سوى فائز .
     فهل تعادل قولنا إلا فائزاً ، أو إلا فائز ، بنصب فائز على الاستثناء أو رفعها على البدلية من ( الفائزون ) .
3 ـ وتعرب بحسب موقعها من الجملة ، إذا كانت جملة الاستثناء ناقصة منفية ، وذلك فيما يعرف بالاستثناء المفرغ .
     نحو : ما تسلم الجوائز سوى فائز ، فهي تعادل في قولنا : إلا فائز ، برفع فائز لأنها فاعل .
     وهكذا من خلال الأمثلة السابقة تتضح لنا مواقع سوى الإعرابية ، ففي المثال الأول أعربت إعراب كلمة فائز بعد ( إلا ) وهو وجوب النصب لأنها مستثنى على الاستثناء ، أو الرفع على البدلية كما أوضحنا .
     وفي المثال الثالث أعربت فاعلاً لأن الاستثناء مفرغ – أنظر إلا – أما الاسم الواقع بعد سوى فيكون مجروراً دائماً مضافاً إليه .

سواء
     اسم بمعنى ( مستو ) يوصف به المكان ، والأفصح فيه أن يأتي مقصوراً مع الكسر ، كقوله تعالى ( مكاناً سوى )(1) .
     ويأتي بمعنى ( الوسط ) وبمعنى ( التام ) فتمتد ألفه مع الفتح ، كقوله تعالى ( في سواء الجحيم )(2) ، وتأتي بمعنى ( القصد ) ، كقول الشاعر :
        فلأصرفن سوى حذيفة مد حتى        لفتى العشي وفارس الأحزاب
ــــــــــــــ
(1) طه [58]              (2) الصافات [55] .
سواء       سوف

     كما تأتي صفة لظرف الزمان ، وهي حينئذ ملازمة للنصب على الظرفية ، وهذا مذهب البصريين فيها (1) .
     وقد استدل البصريون على ظرفية ( سواء ) بالمد ، أو ( سوى ) بالقصر بوقوعها صلة ، كقولهم : جاءني الذي سوى محمد .
     أما الكوفيون فقد جوزوا خروجها عن الظرفية ، والتصرف فيها رفعاً ونصباً وجراً ، لدخولها في معنى الاستثناء بمعنى ( غير ) ، ومن ذلك قول الشاعر * :
                  ولم يبق سوى العدوان        دنّاهم كما دانوا
     ومنه قول الأعشى :
         تجانف عن جو اليمامة ناقتي        وما عدلت عن أهلها لسوائكا
     ويخبر بسواء عن الواحد فيما فوقه ، لأنها مصدر بمعنى ( الاستواء ) ، كقوله تعالى ( ليسوا سواء )(2) .
سوف
     حرف تسويف يدخل على الفعل المضارع فيخصصه للمستقبل البعيد ولا يدخل إلا على فعل مثبت ، ولا يفصل بينه وبين الفعل بفاصل ، ويستعمل للوعد كما يستعمل للوعيد ، فمثال الأول قوله تعالى ( ولسوف يعطيك ربك فترضى )(3) .
ــــــــــــــ
(1) الكافية لابن الحاجب ج1 ص247 .
(2) آل عمران [113] .                 (3) الضحى [5] .
     * الفند الزماني : هو سهل بن شيبان بن ربيعة ينتهي نسبه إلى بكر بن وائل ، والفند لقب غلب عليه فقد شبه بقطعة من الجبل لعظم خلقه ، وهو أحد فرسان ربيعة المشهورين المعدودين ، شهد حرب بكر وتغلب ، وقد قارب المائة عام من العمر ، فأبلغ حسناً ، وكان مشهده يوم التحالف .
سوف       سي

     وقوله تعالى ( أولئك سوف يؤتيهم أجورهم )(1) .
     ومثال الثاني قوله تعالى ( إن الذي كفروا بآياتنا سوف نصليهم ناراً )(2) .
     وقوله تعالى ( قال أما من ظلم فسوف نعذبه )(3) .

نماذج من الإعراب
     قال تعالى ( ولسوف يعطيك ربك فترضى ) .
ولسوف : الواو حرف عطف ، واللام لام التوكيد حرف مبني على الفتح لا محل له من الإعراب ، سوف : حرف لتأكيد الاستقبال مبني على الفتح لا محل له من الإعراب ولا عمل له .
يعطيك : فعل مضارع مرفوع بالضمة دال على الاستقبال ، والكاف ضمير المخاطب العائد على الرسول صلى الله عليه وسلم في محل نصب مفعول به .
ربك : رب فاعل مرفوع بالضمة ، ورب مضاف ، والكاف في محل جر مضاف إليه .
فترضى : الفاء للنسق ، وترضى : نسق بالفاء على ما قبله ( عطف نسق ) ، والجملة لسوف يعطيك ... إلخ معطوفة على ما قبلها .

سي
     اسم بمعنى ( مثل ) وزناً ومعنى ، ومثناه سيان ، كقول أبي العلاء :
          سيان عندي مادح محرض        في قوله وأخو الهجاء إذا ثلب
ــــــــــــــ
(1) النساء [152]               (2) النساء [30] .
(3) الكهف [87] .
سي ( ولا سيما )

ومنه قول ابن حمام المري :
وسيان عندي أن أموت وأن أرى       كبعض رجال يوطنون المخازيا
     وتدخل عليه ( لا ) النافية للجنس ، فنقول ( لا سيما ) إذا تلته ( ما ) ، كقول امرئ القيس : ألا رب يوم صالح لك منهما       لا سيما يوماً بدارة جلجل
     ونحو : أحب قراءة الكتب ولا سيما كتب الأدب .
     وفي التعبير السابق ثلاثة أوجه من الإعراب هي :
1 ـ أحب قراءة الكتب ولا سيما كتب الأدب . ( في حالة الرفع ) .
أحب : فعل مضارع ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوباً تقديره أنا .
قراءة : مفعول به ، وهو مضاف . الكتب : مضاف إليه مجرور .
ولا : الواو اعتراضية لا محل لها من الإعراب ، أو حالية أو استئنافية أو عاطف .
لا : نافية للجنس تعمل عمل إن ، حرف مبني على السكون لا محل له من الإعراب .
سيما : سي : اسم لا منصوب بالفتحة الظاهرة على آخره ، وهو مضاف ، وما اسم موصول أو نكرة موصوفة مبني على السكون في محل جر مضاف إليه .
     وخبر لا محذوف وجوباً تقديره موجود .
كتب : خبر لمبتدأ محذوف تقديره هي ، وكتب مضاف ، والأدب مضاف إليه .
     والتقدير النهائي : أحب قراءة الكتب ولا مثل التي هي كتب الأدب ، على اعتبار ما موصولة والجملة بعدها لا محل لها من الإعراب صلة الموصول .
     أو : أحب قراءة الكتب ولا مثل شيء هي كتب الأدب ، على اعتبار ما نكرة ، والجملة بعدها في محل جر صفة لها .


سي

2 ـ أحب قراءة الكتب ولا سيما كتب الأدب . ( في حالة النصب ) .
ولا : الواو اعتراضية ، أو حالية استئنافية ، لا نافية للجنس .
سيما : سي اسم لا مبني على الفتح في محل نصب ، وما زائدة كافة عن الإضافة .
كتب : مفعول به لفعل محذوف تقديره : أحب ، أو أخص ، وكتب مضاف .
الأدب : مضاف إليه .
     وهذا الوجه ضعيف لمنعه من قبل جمهور النحاة ، ويرى بعضهم أنه منصوب على الاستثناء بإنزال ( لا سيما ) منزلة ( إلا ) (1) .
3 ـ أحب قراءة الكتب ولا سيما كتب الأدب . ( في حالة الجر ) .
ولا : الواو اعتراضية ، أو حالية ، أو مستأنفة ، لا نافية للجنس .
سيما : سي اسم لا منصوب بالفتحة ، وهو مضاف ، ما زائدة لا عمل لها .
كتب الأدب : مضاف إليه مجرور ، وكتب مضاف ، والأدب مضاف إليه .
     وفي حالة مجيء الاسم الواقع بعد إلا نكرة يجوز نصبه على التمييز أو الرفع أو الجر على اعتبار الوجه الأول والثالث في الاسم الواقع بعد لا سيما ، مثال : أحب الفاكهة ولا سيما ناضجة .
ـــــــــــــــ
(1) أنظر مغني اللبيب ج1 ص140 .

0 comments:

Post a Comment